[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
يقال إن العديد من أفراد تركيا الفتاة لا يصومون شهر رمضان، وكان البعض منهم أحمق بما فيه الكفاية ليعلن إفطاره بالتدخين في الشوارع، (وملاحظة الدبلوماسي الإنجليزي جاء تأكيدًا لاحقًا عندما كشف الأتراك أن غالبية أعضاء تركيا الفتاة هم من يهود الدونمة وتفاصيل ذلك في مذكرات عبدالحميد الثاني وما نشره القائد التركي جواد رفعت اتلخان المعاصر لتلك الحقبة).
وعن الاضطرابات المحدودة التي حصلت في الرابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر 1908 يذكر أنها حصلت بعد أن قيل إن عددًا من اليهود، حضروا إلى جامع المدينة أثناء الخطبة، وحصلت بعض المشادات ويقول إنه في حوالي الساعة التاسعة من مساء اليوم نفسه قد جاءه ترجمان الوالي ليؤكد له من طرف صاحب الجلالة بعدم حصول أي شيء خطير، وأن هناك بعض القصص المبالغ بها.
ويعلق رامزي على ذلك، وقبل أن يذكر بعض الحقائق عن تلك المواجهة بقوله (يُعد اليهود من المساندين الرئيسيين للتجارة البريطانية وأن أي هجوم ضدهم سوف يمس مصالحنا، ويبدو لي أن هناك حاجة ملحة لحكومة أقوى من حكومة بغداد، فيما لو أريد تفادي الاضطرابات الخطيرة.) وقدم ترجمان الوالي الرقم (12) عن الذين تعرضوا للضرب أو السرقة من اليهود، أما الرقم الذي قدمه رئيس الطائفة اليهودية، فكان على الوجه الآتي: جروح خطيرة (12) شخصًا، جروح بالسكاكين والخناجر والعصي من (80 ــ 100) شخص، ضرب وإهانة وتجريد من الطرابيش والملابس والمجوهرات ما يقارب الـ(2000) شخص.(الوثائق البريطانية).
في اليوم التالي خطب الشيخ سعيد في حشد من الناس وقال إن اليهود والمسلمين وغيرهم يعيشون تحت حماية المسلمين، ويجب أن لا تُساء معاملتهم، لأن ذلك يتعارض مع التعاليم الإسلامية.
ويقول الدبلوماسي البريطاني:
إن مسؤولية الشرور التي وقعت على اليهود، يجب أن تقع بشكل رئيسي على جمعية تركيا الفتاة المحلية.
وفي مجمل سرده لأوضاع اليهود وعلاقاتهم مع الآخرين يذكر في الوثيقة السرية المذكورة أن أحد اليهود أخبره أنه بين الطبقات المتدنية لليهود تقوم الأمهات بتعليم صغارهن أن مساعدة أحد الكلاب أفضل من مساعدة أحد المسلمين.
أما بالنسبة لأحوال الطائفة اليهودية وتفاصيل حياتها في مطلع القرن العشرين، وهي الفترة التي شهدت بداية أفول نجم السلطة العثمانية خاصة بعد صعود جمعية تركيا الفتاة، وسيطرتها على زمام الأمور في الاستانة، والذي تزامن مع ازدياد نشاط الحركة الصهيونية، ففي تلك الأثناء وتحديدًا في الثلاثين من آذار/مارس 1910م أرسل القنصل العام البريطاني في بغداد سردًا مفصلًا عن الطائفة اليهودية في المدينة وقال في رسالته (وثيقة سرية) إن هذه الطائفة قد تلعب دورًا مهمًّا في مستقبل الامبراطورية العثمانية.
وحصل القنصل العام على تقرير من الاليانس (الاتحاد) الإسرائيلي العالمي والاتحاد الأنجلو ــ يهودي يقر فيه عدد اليهود في بغداد بحوالي (45) ألف شخص. ويقسم الطائفة اليهودية إلى أربع طبقات، (ونسبتهم غير واضحة) وتتكون من التجار والمصرفيين، وطبقة صغار التجار وتجار المفرد والموظفين والطبقة الفقيرة تشكل (60) بالمئة من الطائفة والشحاذين (5) بالمئة، ويأتي معظم الشحاذين من كركوك والموصل وضواحيها وهم في حالة سيئة جدًّا (الوثيقة السرية رقم 2837 استلمت في 4 نيسان/أبريل 1910).
وتتحدث الوثيقة عن كبار الحاخاميين، وأنه مزود بفرمان من السلطان العثماني وأن هناك المجلس الكهنوتي، وهو مؤلف من ثلاثة حاخاميين لحسم النزاعات الدينية البحت وبعض الحاخاميين يدرسون الأدب العبري، وتقوم الطائفة بدفع رواتبهم وخلافًا للأزمنة السابقة على ذلك التاريخ (1910) فإن رجال الدين لا يتمتعون بالنفوذ على إخوتهم في الدين اليهودي، وقد يعزى هذا إلى أثر التعليم المتفشي بين طبقات الطائفة.