[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
ابتدأ العزف ونقر على الدفوف، هي الحيوية في مهرجان " مقام " في أوزبكستان التي جاءها الفنانون من كل مكان. لكن، وفجأة تضامن العرب في موقف لافت، الفنانون العرب توقفوا عن المشاركة، ثمة من يجلس على منصة التحكيم وهو اسرائيلي مما استدعى هذا الموقف العربي الصارم .. اما ان تخرجوه من القاعة او نخرج .. لأول مرة يتضامن الجزائري والمصري واللبناني واليمني والسعودي والأردني والعراقي، يقولون الكلمة الواحدة في مواجهة أهل المهرجان الذين انصاعوا في النهاية واخرجوا المندوب الاسرائيلي، لتبدأ بعدها تلك الموسيقى الروحية من الوصول إلى ذروتها الطقوسية.
لم تمر سياسة التطبيع مع فنانين هم صدارة المجتمع وحقيقته .. لم يكن من الممكن مشاركة العرب امام جاسوس اسرائيلي جاء على حين غرة ليكون ممثلا لكيان يجب متابعته في كل مكان. في المسألة الثقافية هنالك دائما تسرب صهيوني يراد له ان يقدم حاله على انه من اهل المكان، وخصوصا عندما تكون المسألة في منطقة كالشرق الاوسط .
من المؤسف ان بلدا عزيزا مسلما كأوزبكستان لم ينتبه الى ان وجود مندوب لاسرائيل على المنصة سوف يخربط المهرجان، خصوصا وانه يعتمد كثيرا على الوفود العربية التي تشكل النصف واكثر، بل هي اساس روحية الموسيقى الروحية الصوفية منها اساسا. فماذا كان يفعل هذا المندوب الاسرائيلي سوى انه يريد التسلق على الشكل الفني للمهرجان وعلى روحيته الدينية.
اود ان انقل التحية لكل العرب الذين شاركوا في هذا المهرجان، لكني ارى ان تعميم هذا النوع من المواقف يعني الكثير في صراعنا مع اسرائيل، هذا الكيان المتغلغل في اكثر الامكنة، بل المتداخل في الكثير من الانتاجات التي نستهلكها نحن كعرب دون ان نعرف كونها تحمل لغات مغشوشة كالانكليزية او الفرنسية او اية لغة اخرى ماعدا العبرية.
اعرف صعوبة تطبيق مبدأ كهذا، فلقد حاول جيلنا واجيال بعدنا مقاطعة المنتجات الغربية وخصوصا الاميركية، وتحديدا في الفترات الصعبة من تاريخنا العربي المعاصر وبالذات في فترات الحروب والصراعات التي وصلت في ذروتها .. ماجرى ان الكل انصاع الى المقاطعة ، ثم اكلنا النسيان او الحاجة او الضرورة للدواء الغربي مثلا ، وهو لب المشكلة، ثم اكتشفنا اشياء كثيرة نستعملها لايمكن الاستغناء عنها.
فاما الصمود على موقف المقاطعة مهما كلف الأمر من حاجات ملحة، واما تمرير من هنا أو من هناك لغايات الضرورة ، فهذا لايدخل في باب المقاطعة الحقيقية، التي ان تمكنا من الصمود ضد تناولها او استعمالها، لغيرنا من امور سياسية عديدة. وكلنا يعرف مدى قدرة الشركات على التلاعب بالاسماء على مغلفات انتاجها. فمثلا ذات يوم من الزمن الماضي تظاهرنا ضد المنتجات الغربية ووصل الامر الى تحطيم شركة كوكا كولا المعروفة في بيروت، التي سرعان ماانتجت زجاجة جديدة غيرت فيها الاسم الاول وتركت الكولا ثابتة على الزجاجة.
لاشك اننا نتعامل مع شركات عابرة للقارات، لايمكن الصمود في وجهها حتى لو كانت خليطا من الرأسمال ااصهيوني. لكننا ان استطعنا ان نسجل كما جرى في اوزبكستان في مهرجان " مقام " موقفا علنيا، فهو يساوي برأيي عملية عسكرية كبرى ضد اسرائيل او حربا مؤسسة على انتصار عربي ضدها. فشكرا للفنانين العرب الذي اثبتت وحدتهم كم هي فاعلة وانه اكتشفوا اهميتها وقدرتها على تحقيق غاياتهم.