[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس يعتبر ان اختيار الراحل ياسر عرفات للكفاح المسلح خيار غير موفق وغير صحيح، في حين ان عرفات حين وصلت به الامور الى الخيار "السلمي" قدم اوراقه كلها على مائدته، ووقع اوسلو كمن يقول انه الطريق الآخر الذي نجربه، لكن التجربة جاءت فخا اصطادته فيه اسرائيل وانتهى برحيله، ليخلفه الرجل الذي كره البندقية وكل السلاح.
اليوم تتقاذف القضية الفلسطينية كل العوامل المؤذية لها، فعلام الصبر، هل للسياسة حكمة واحدة، ام هي لها ارجل متعددة لابد لكي تقف سليمة ان تظل موجودة. فإذا اسرائيل ما زالت تأكل الضفة، ولا تعترف بشرعية السلطة كما لا تريد الحوار معها، وتبصم على كل انجاز اميركي مهما كان نوعه لأنه يحقق غاياتها .. فمثلا، تفاصيل صفقة القرن في جيب محمود عباس، ونقل السفارة الاميركية إلى القدس امام عين محمود عباس، وقطع الأموال عن الاونروا ضمن حسابات محمود عباس، وهذا مكتب منظمة التحرير في واشنطن يتم اغلاقه فيما المعلومات ان الرئيس الفلسطيني كان من اكثر من زاروا الولايات المتحدة والتقوا رئيسها الميمون ترامب .. ويعرف ابو مازن ان ما تحقق لإسرائيل في عهد ترامب وما سيتحقق لم يسبق له مثيل في تاريخ كل الروساء الاميركيين، ناهيك عن الكلام المباح لجون بولتون عن الجنائية الدولية التي ظن الرئيس الفلسطيني ان اسرائيل سوف ترتعد منها.
هناك في علم الحكم شيء اسمه الغضب اذا لم يكن بوسع الحاكم ان يواجه لقلة ما في اليد وفي الإمكانية، حتى هذا لم نره، في حين يعوم الرئيس عباس على قوة فلسطينية اثبتت عبر كل التواريخ انها الرقم الصعب. لكنه بكل اسف يريد ثورة غاندية، فيما اسرائيل ابشع من الاستعمار البريطاني يوم رمته ومن معه من الشعب الفلسطيني في البراري وصنعت لها كيانا بين ذكاء قادتها وسعادة المؤازرة من العالم الذي بات معروفا، والشكوك التي رافقت مواقف العرب آنذاك في كونهم ساهموا باللعبة ولكن كل على طريقته.
لا يغضب ابو مازن، بل هو يفرح الولايات المتحدة حين يقول بانه قطع الحوار معها وهي في الاصل لاتريده، انسجاما مع سيدتها اسرائيل. الاعتقاد السائد ان ما يسمى صفقة القرن تمضي بالتقسيط من خلال تجارب اميركية واضحة المعالم ازاء القضية الفلسطينية، ودون ان يقال اي تعبير عنها او اشارة لها. وبالاعتقاد ايضا، ان مفهوم الكونفدرالية طعم مكرر لماض يعاد بعثه ضمن مفهوم جديد اقله القاء الرعب عند الاخ الاردني الذي كان واضحا على لسان الملك عبدالله الثاني حين سأل بتعجب "كونفدرالية مع مين؟!".
اغضب ياسيادة الرئيس محمود اغضب، لكن السيف اصدق انباء من كل اتكالك على ما تكرهه لدى شعبك الذي يحبه ويهواه ويتمناه وينتظر كلمة السر فيه ويترحم على ايامه التي صمت فيها رصاصة فإذا بقضيته تتحول إلى شبر من الارض وإلى مجرد علم مرفوع على مركز الرئاسة فقط، واذا التاريخ الفلسطيني الأجمل قد توقف يوم امرت بحكم الكلمات وحدها وبالصيغ المجبولة بالانتظار الممل الذي اوصل إلى ما وصلت إليه.
اغضب يا سيادة الرئيس حتى غصن الزيتون الذي رفعه الراحل ياسر عرفات في الأمم المتحدة عام 1974 اصفرت اوراقه وتناثرت يوم ظلت السيوف في غمدها.