[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
".. وقد كان أهم المشروعات القومية المصرية المتمثل في تنمية قناة السويس واعتزام مصر الدخول بقوة في المشاريع الملاحية واللوجستية والتواجد على خارطة التجارة العالمية حاضرا، حيث أعلنت روسيا اعتزامها الاستثمار في تنمية قناة السويس، كما جرى بحث إقامة نقطة لوجستية مصرية في البحر الأسود".
تعد الزيارة التي قام بها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى روسيا يوم الثلاثاء الماضي استثنائية، سواء بمقاييس الحفاوة التي امتدت من الاستقبال وعلى طول برنامج الزيارة أو من خلال ما تمخضت عنه من اتفاقات يعود نفعها على الطرفين.
فمنذ دخول طائرة الرئيس المصري المجال الجوي الروسي صاحبتها المقاتلات الروسية حتى وصولها مطار سوتشي ليكون في الاستقبال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مع استقبال رسمي بدا باستعراض حرس الشرف وهو أمر غير معتاد إجراؤه خارج العاصمة الروسية.
كما جعل استعراض أسلحة روسية في أرض المطار فور وصول الرئيس المصري من التعاون العسكري عنوانا للزيارة مثلما أشر اصطحاب بوتين للسيسي في جولة في شوارع سوتشي انتهت بجلوس الرئيسين بأحد مقاهي المنتجع على دفء جديد في العلاقات بين البلدين يكسر البرودة التي سادت منذ سبعينيات القرن الماضي.
وعلى قدر هذه الحفاوة في الاستقبال جاءت الاتفاقات التي تمخضت عنها المحادثات الرسمية بين السيسي وبوتين.
فقد خرجت محادثات الرئيسين بإعلان بوتين زيادة صادرات القمح الروسي إلى مصر لتصل إلى 5.5 مليون طن سنويا بزيادة نحو مليوني طن في تجاوب مشكور من الروس مع ملف معروف على الدوام بأنه مصدر الأرق الرئيسي لأية قيادة مصرية.
وفي المقابل اتفق الجانبان على قيام مصر بزيادة صادراتها من المنتجات الزراعية وخاصة البطاطس والثوم والبصل إلى روسيا حيث تأتي هذه الخطوة في توقيت تحتاجه مصر لدعم صادراتها الخارجية، كما تأتي في توقيت فرضت فيه أوروبا على روسيا عقوبات تتعلق بتصدير هذه المنتجات على خلفية الأزمة الأوكرانية. وإضافة إلى زيادة الصادرات المصرية تحتاج القاهرة إلى إيجاد حافز ودعم لمشاريعها الزراعية الداخلية خاصة المتمثلة بالمشروع القومي لاستصلاح وزراعة 4 ملايين فدان، الأمر الذي يحتاج إلى تطوير أنظمة الري في مصر والذي يمكن الاستفادة من التقنية والخبرة الروسية في هذا المجال.
وقد كان أهم المشروعات القومية المصرية المتمثل في تنمية قناة السويس واعتزام مصر الدخول بقوة في المشاريع الملاحية واللوجستية والتواجد على خارطة التجارة العالمية حاضرا، حيث أعلنت روسيا اعتزامها الاستثمار في تنمية قناة السويس، كما جرى بحث إقامة نقطة لوجستية مصرية في البحر الأسود، كذلك لم تغفل الاتفاقات المصرية الروسية التطرق إلى المجالات السياحية والتجارية.
أما عن التعاون العسكري والذي يمكن القول إنه العنوان الأبرز للزيارة، كما أنه يقف على قائمة التطلعات عند الحديث عن المستقبل الجديد للعلاقات المصرية الروسية لا سيما وأن تنويع مصر لمصادر تسليحها يحقق تفوقا نوعيا بالمنطقة ويقدم دعامة أساسية للأمن القومي المصري.
فقد كان المعلن بشكل رسمي عنها هو ما أعلنه الرئيس الروسي في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره المصري من اتجاه لتفعيل بروتوكول التعاون الذي أبرم بين القاهرة وموسكو في مارس الماضي خلال زيارة الرئيس السيسي حينما كان وقتها وزيرا للدفاع.
وإضافة إلى هذا الإعلان الرسمي فقد تداولت العديد من وسائل الإعلام تسريبات تفيد بإبرام اتفاقيات تحصل مصر من خلالها على مروحيات روسية هجومية من طراز "روستفيرتول إم أي 35" وأخرى من طراز "إم أي 17" متعددة الأغراض، إضافة إلى أنظمة دفاع جوي من موسكو تشمل صواريخ متطورة من نوع S-300 وكذلك طائرات مقاتلة من طراز ميج وأسلحة مضادة للدبابات من نوع كورنيت. وأنظمة الدفاع قصيرة وطويلة المدى مثل بوك إم ٢ وتور إم2 وبانتسير ـ إس ١.
ولا شك أن تعاونا بهذا المستوى على مختلف الأصعدة يسارع من خطط التنمية الاقتصادية التي شرعت بها مصر، كما أن وجود روسيا كحليف قوي لمصر يعطي دفعة قوية للقاهرة تجاه توسيع تحركاتها الدبلوماسية، الأمر الذي من المؤكد أن يكون له أثر إيجابي في استقلالية القرار السياسي وقوته.