تعالت دقات قلوب العمانيين أثناء ترقبهم لقرعة بطولة كأس الخليج الثانية والعشرين وتشوقوا لمعرفة المجموعة التي ستضم المنتخب الوطني .. وأصابتنا جميعا الصدمة عندما انتهت القرعة بوضع المنتخب في مجموعة الموت كما يطلق عليها .. فللأسف انقسمت القرعة إلى مجموعتين إحداهما قوية جدا وأخرى سهلة نسبيا رغم تقارب المستوى الفني والمهاري بين المنتخبات الخليجية.
لقد ضمت المجموعة الأولى منتخبات السعودية واليمن والبحرين وقطر .. بينما يرافق منتخبنا فرق الإمارات والعراق والكويت وهي منتخبات لها باع طويل في حصد اللقب، فالكويت حصل عليه عشر مرات والعراق ثلاث والإمارات مرتين .. ويكفي أن آخر بطولة فاز بها المنتخب الإماراتي بعد فوزه على وصيفه العراقي.
لا شك أن وقوع منتخبنا ضمن مجموعة صعبة لا يعني أن نفقد الأمل في الحصول على البطولة .. فبالجد والاجتهاد يمكن أن يحقق الإنسان كافة طموحاته وآماله ومن الممكن أن نعيد ما حققناه في عام 2008 عندما حصلنا على بطولة خليجي 19 فالساحرة المستديرة ليس لها معايير أو قوانين ثابتة للفوز بها ولعل ما حدث في بطولة كأس العالم الأخيرة التي أقيمت في البرازيل خير دليل على ذلك، حيث صعدت منتخبات كثيرة ناشئة على حساب أخرى مخضرمة كانت مرشحة للفوز بالبطولة ولكنها خرجت من الأدوار الأولى .. ويكفي أننا ابتعدنا عن المنتخب السعودي صاحب الأرض والجمهور الذي عادة ما يعطيه هذا دفعة في تحقيق البطولة.
السؤال الذي يفرض نفسه .. ما الاستعدادات التي يجب أن يقوم بها منتخبنا حتى يستطيع المنافسة على اللقب؟
إن المستوى الفني الذي يتمتع به منتخبنا يعتبر جيدا ولكن الأحمر في حاجة للمزيد من الأنشطة التأهيلية مثل الإكثار من المعسكرات المغلقة والتدريبات والمباريات التجريبية التي ترفع من مستوى اللياقة والمهارة والخبرة لدى اللاعبين وتمنحهم الثقة قبل السفر للرياض.
جميع العمانيين يحدوهم الأمل في أن يحقق الأحمر إنجازا جديدا في بطولة خليجي 22؛ فاللاعبون اكتسبوا خبرة عما سبق بالإضافة إلى وقوف الجماهير الغفيرة وراءهم ووجود الدعم الذي يقدمه الاتحاد وغير ذلك من العوامل التي تؤهلهم لحسم اللقب.
إن هذا لا يقلل من قوة الفرق الأخرى فالمنتخب الكويتي سيحاول استعادة التاريخ واستكمال منظومة الجوائز والإماراتي يعيش في السنوات الأخيرة استقرارا فنيا ومهاريا عاليا. لذا فإن المنافسة معه ستكون قوية جدا. أما المنتخب العراقي فإنه لن يقل منافسة وسيسعى للسير على درب المنتخب تحت 21 سنة الذي حصد اللقب الآسيوي الأخير في مسقط .. أما منتخبنا الوطني فإنه لا يقل عن هذه المنتخبات مهارة وقوة وخبرة وسيستطيع المنافسة بقوة تؤهله للحصول على البطولة والحفاظ على مكانته الخليجية.
المطلوب من بول لوجوين مدرب المنتخب اختيار قائمة قوية قادرة على المنافسة وبث الحماس في قلوب اللاعبين ووضع الخطط الناجحة التي تحقق الفوز .. ومطلوب من اللاعبين وضع اسم بلادهم وإسعاد الجماهير العمانية نصب عينيهم فيجتهدون ويتعاونون معا من أجل الوصول للهدف المنشود مع نبذ الأنانية والتركيز في اللعب والإيمان بأنهم قادرون على الحصول على اللقب، فالخوف من المواجهة يؤدي إلى تشتت التركيز، وبالتالي إضاعة فرص التهديف وتحقيق الفوز.
كل الأمنيات للفريق الوطني بالنجاح والفوز وندعو الله أن يعودوا إلى أرض الوطن سالمين وبيدهم الكأس الغالية.

* * *
أسعار مستلزمات العام الدراسي .. نار

ما أن مضى النصف الأول من شهر أغسطس حتى بدأت حركة غريبة تدب في المنزل ومحادثات جانبية كثيرة بين أم العيال والأبناء الصغار .. وعندما استفسرت عما يدور في البيت أخبرتني زوجتي أن العام الدراسي الجديد على الأبواب، وأن هناك الكثير من المستلزمات المدرسية والقرطاسية والملابس والأحذية وغيرها يجب علينا شراؤها، وأن الأولاد أخبروها بالمواصفات الخاصة التي يريدونها في تلك الأدوات هذا العام وأسفرت المناقشات عن اصطحابهم أثناء الشراء كي يختاروا ما يحلو لهم من مستلزمات.
وبالفعل تم تحديد يوم وجهزت بعض الأموال وذهبنا للسوق وبصحبتنا الأولاد حيث أردت أن يسبب لهم هذا المشوار تهيئة نفسية لدخول المدارس فيرفع من معنوياتهم ويعطيهم دفعة للإقبال على الدراسة بحماس واجتهاد حتى يحققوا النجاح المأمول .. ولكنني فوجئت بزحام شديد وإذا بكل أولياء الأمور يملكون نفس التفكير والرغبة في توفير ما يحتاجه أبناؤهم من أدوات مدرسية.
لا أخفي عليكم أنني أصبت بصدمة عندما شاهدت الأسعار .. واكتشفت أن ما أحضرته من أموال لن يكفي لنصف ما خططنا لشرائه وأنها تحتاج لميزانية خاصة .. إلى جانب أن الأطفال أخذوا يعبرون عن رغبتهم في شراء أدوات جذبتهم بأشكالها وألوانها المختلفة والتي لم نرها نحن من قبل أيام دراستنا وجميعها أسعارها نار .. فالحقيبة المتينة التي تتحمل ما يحملونه من أثقال طوال العام والأقلام والدفاتر ذات الجودة وغيرها من الأدوات التي تطابق الشروط الصحية كانت مرتفعة الأسعار جدا.
أخذت أوجه الأولاد لضرورة اختيار ما يتناسب مع أعمارهم والسنة الدراسية التي يعيشونها .. كذلك مراعاة المستلزمات الأهم فالمهم .. فلا داعي لشراء الأدوات التي لن يستفيدوا منها طوال العام بل يجب اختيار ما يحتاجونه فقط أثناء دراستهم ولا داعي للإسراف في الشراء .. كما أن المكتبة موجودة طوال الوقت والذي لن نشتريه في الوقت الحالي يمكن شراؤه في أي وقت آخر .. وأحمد الله أن أطفالي لديهم من الوعي ما جعلهم يستوعبون توجيهاتي وأخذوا يعددون الأغراض التي سيحتاجونها بشكل ملح فقط فاشتريناها وعدنا جميعا ونحن متشوقون لبداية العام الدراسي الجديد .. وشعرت بالفخر بما يحمله أبنائي من وعي شرائي.
ندعو الله أن يقبل جميع الطلاب على العام الدراسي الجديد بمعنويات مرتفعة وحماس وأن يجدوا ويجتهدوا حتى يحققوا نجاحا باهرا ويحولوا أحلامهم وأحلام أسرهم إلى واقع ملموس وأن يجعل هذا العام الدراسي عام تفوق ونجاح .. وكل عام والجميع بخير.

* * *
مأساة شاعر العصر

من الصعب أن يعيش الإنسان في صراع دائم بين الواقع والحلم .. بين الحب والموت .. بين الحضور والغياب .. وتكون الصعوبة أشد إيلاما في النفس إذا عاش هذا الصراع من يمتلك الإحساس المرهف بالأشياء من حوله بشكل أقوى وأعمق من الإنسان العادي مثل الشعراء .. فالشاعر يحس غربة أبدية عن كل شيء حوله .. ولكنه مهما حاول الفرار من هذا الإحساس يداهمه بشكل آخر ولون مختلف حتى تكاد تكون طرقه جميعا مغلقة في وجهه لا يعرف لها خلاصا ولا امتدادا.
وعصرنا الراهن يعتبر عصر مأساة الإنسان! .. فبدلا من استخدام التقدم العلمي والتكنولوجي في صالح البشرية .. يستخدم للقضاء عليهم .. فيفخر إنسان العصر ويزهو أنه وصل إلى الكواكب .. واخترع الحاسوب (الكمبيوتر) .. وخلص وجدانه من التقليدية في الفكر والإبداع .. لكنه مع هذا قد وضع أهدافا تدميرية أكثر من أهداف الإصلاح.
ولو تصورنا عالما بلا شعراء وبلا فنانين .. لكان العالم ملكا لكل قاتل ولص وسفاح وقوي .. برغم أن الشعراء قد يملكون قدرة محدودة في نظر البعض .. وهي قدرة التعبير بالكلمة .. إلا أن هذه الكلمة قد تكون أقوى من كل سلاح إذا التزمت الصدق والصراحة والبعد عن الزيف والنفاق.
لقد تحولت الإنسانية من عصور البناء والعطاء والإبداع من أجل تهيئة حياة كريمة للإنسان .. إلى عصور التسابق المسلح والمنافسة التي تفتقد معايير الشرف والكرامة من أجل السيطرة وجمع المال .. هذا التحول يؤكد أن الإنسان في عصرنا يكاد يعيش بمحض الصدفة .. وأصبح من الصعب في خضم الصراعات والمذابح البشرية أن يبحث لماذا وكيف مات بل ومتى مات أحيانا باعتبار أن الإنسان على حد قول الشاعر: قد يكون ميتا في حياته.
فقد يموت الإنسان كمدا وغيظا ويأسا .. برغم حركته اليومية والإيقاع السريع لخطاه .. فيصبح الاعتزال موتا .. والغربة موتا .. والضيق بالضغوط السياسية والاجتماعية والنفسية موتا .. وبقدر ما يشعر بغربته وإحباطه وعجزه عن المشاركة أو الاستمرار في الحياة .. بقدر إحساسه بالموت.
إن شاعر العصر الراهن مكتوب عليه أن يتحمل حتى آخر قطرة من دمه .. وأن يعاني ويقهر نفسه .. حتى يكمل دوره بقدر ما يستطيع.

* * *
آخر كلام
قال الشاعر:
إذا هبت رياحك فاغتنمها فعقبـى كل خافقـة سكـون
ولا تغفل عن الإحسان فيه فلا تدري السكون متى يكون

ناصر اليحمدي