[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedaldaamy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]أ.د. محمد الدعمي[/author]
الحديث الساخن الدائر اليوم هناك، أي في أوروبا حول وجود "أزمة هوية أوروبية" (بمناسبة طوفان الهجرة) إنما هو حديث مبرر: فهو ليس صرخة "نازية" أو "فاشية"، كما يدعي البعض، تجنيا وسفها أحيانا، وإنما هو من حقوق (البيض طوال القامة) في أن يحاولوا النجاة بهويتهم القديمة والعريقة...

إنه لمن الغرابة بمكان أننا نعمد إلى اتهام الأوروبيين بالعنصرية والتمييز، بل وحتى بالعزل العنصري، كما نتهمهم بالطائفية، بل وبــ"الصليبية"، عندما يعبرون عن اعتزازهم بهويتهم الثقافية والدينية والإثنية (الآرية، المسيحية). ولكننا في الوقت ذاته، نرد على من يتهمنا بالعنصرية والطائفية بأن قوميتنا هي من النوع المتفتح على "الآخر"، وأن ديننا مبني على التسامح والمحبة والقبول بالتنوع.
هذا ازدواج ـ كما أرى ـ معايير واضح المعالم، للأسف: فردنا على الغربيين المذكور في أعلاه يحتوي على نسبة لا بأس بها من الصحة، ولكن علينا أن لا نعيب على الأوروبيين تناديهم وتكاتفهم لحماية هويتهم الأوروبية المتميزة، أي لحماية كل ما من شأنه أن يجعلهم أوروبيين، لا آسيويين ولا هنودا، لا شرقيين ولا أفارقة.
لذا، فإن الحديث الساخن الدائر اليوم هناك، أي في أوروبا حول وجود "أزمة هوية أوروبية" (بمناسبة طوفان الهجرة) إنما هو حديث مبرر: فهو ليس صرخة "نازية" أو "فاشية"، كما يدعي البعض، تجنيا وسفها أحيانا، وإنما هو من حقوق (البيض طوال القامة) في أن يحاولوا النجاة بهويتهم القديمة والعريقة في خضم محيط آسيوي/إفريقي يكاد يبتلع الخصوصية الثقافية الأوروبية بين ليلة وضحاها، خصوصا مع الفوائض السكانية التي تتقيؤهم بلدانهم المنشأ في القاراتين الكبيرتين أعلاه على نحو ينذر بالخطر باتجاه البحر المتوسط على أمل أن تقبلهم أوروبا، حتى وإن عاملتهم كبشر من "الدرجة العاشرة"، بل وأدنى، للأسف كذلك.
والحق يقال، فإن علينا، قبل أن نتهم أوروبا بالعنصرية وبالاعتزاز المفرط بالكنيسة، أن نصحح شؤوننا ونحيل حياتنا إلى وجود اجتماعي مستقر وسعيد، لا يطفر منه شباننا، بل وحتى نسوتنا وأطفالنا، متشبثين بأذيال أوروبا، طالبين "الرحمة" و"الرأفة"، إنقاذا من مجتمعاتهم المختلة واقتصاداتهم غير العادلة!
قبل أن نهاجم الأوروبيين بتعامٍ عصابي، لا بد أن ندرس مسببات هجرة شبيبتنا أو نشئنا إلى أوروبا، مجازفين بحياتهم ومتحملين أخطر المصاعب من أجل تشغيلهم في غسل الصحون في مطاعم أوروبا، أو في تنظيف الحمامات هناك. حري بنا أن نصلح أنفسنا، قبل أن ننتقد أوروبا ونصب جام غضبنا عليها لأنها تخصنا بنظرة دونية!