[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
”.. الطريف في هذا الموضوع أن مسؤولا عن أحد المتنزهات في فرنسا غرب البلاد لا ينقطع عن الإشادة بجهود مجموعة طيور غربان تم تدريبها على التقاط مخلفات الزائرين لهذا المتنزه ورميها في مكبات قمامة معدة لهذا الغرض مقابل حصول الغراب الذي يتولى تنفيذ هذه (المهمة) على قطعة بسكويت، أو قضمة طعام بمنقاره من الذي يفضله.”

بين النسيان والتناسي والتسويف والإهمال والتغييب تضيع جهود العديد من الخبراء والكفاءات وأصحاب الرأي تحت وطأة التضليل على أصحابها، ويصل هذا التضليل حد التعتيم الكلي وربما في صفحة أخرى تجيير تلك الجهود إلى مسؤولين سياسيين متسلطين يعلنون عنها من غير مناسبات وبمناسبات، كمؤتمرات وحلقات عمل وندوات ولقاءات وجلسات نقاشية لحل معضلات معينة.
وبالمقابل أيضا هناك مسؤولون أمناء على الواقع حريصون على أن لا يضيع جهد أحد حتى وإن كانوا يختلفون معه في الموقف الشخصي العام.
والطريف في هذا الموضوع أن مسؤولا عن أحد المتنزهات في فرنسا غرب البلاد لا ينقطع عن الإشادة بجهود مجموعة طيور غربان تم تدريبها على التقاط مخلفات الزائرين لهذا المتنزه ورميها في مكبات قمامة معدة لهذا الغرض مقابل حصول الغراب الذي يتولى تنفيذ هذه (المهمة) على قطعة بسكويت، أو قضمة طعام بمنقاره من الذي يفضله.
والطريف الأكثر أن التدريب على تلك المهمة لم يستغرق طويلا وقد تحولت إلى نمط (جهادي) لغربان ذلك المتنزه.
إن المحزن المقابل لتلك الطرافة، هناك العديد من البشر يتم تعليمهم وتدريبهم وإعدادهم لمهمات اعتيادية تقليدية تقتضيها الحياة اليومية للمجتمعات، ولكنهم يظلون مغلقين على نمط متخلف من الأخطاء قصدا أو بدون قصد، وعلى أي حال النتيجة واحدة يحكمها تدني الإنجاز وافتقاد الأهلية ونضوب الأذهان التي يمكن أن تكون عونا في البناء والتطور اللازم، والمرارة هنا في التعصب المستدام للإهمال والتسويف وعدم التغيير تحت وطأة ضغوط سياسيين حين يعجزون عن ابتكار أفكار ومبادرات معينة فيلجأون إلى السطو على أفكار الآخرين وتسويقها على أنها من إبداعهم خوفا من الانتباه إلى أصحاب تلك الأفكار، مما قد يسحب البساط من تحت أقدامهم؛ لأنهم ليسوا سوى ناقلين لها، وبذلك يكون الاعتراف واضحا بعدم أهليتهم للمسؤوليات التي يضطلعون بها مع شعورهم الدائم بالنقص وبالحاجة إلى من يعينهم على أن يكونوا عرابين للواقع وحلالي مشاكل على غرار (حلال المشاكل) الذي تعتقد به نساء عراقيات، إذ يلجأن إلى شراء كمية من (المكسرات واللب) وتوزيعها على سكان الجوار أو المعارف مع دعاء أن ينصرهن الله في حل مشاكلهن، أو لإبطال حسد معين طالهن، خصوصا وأن هناك ميلا واضحا في الوقت الحاضر لهذا التوجه في المجتمعات التي يضربها الجهل أو الغنوسية الدينية والانسداد الذهني وعندها تتغلب الخرافة.
إن هذا التمويه في المواقف واحد من الأمراض المستعصية، وربما يصل هذا (الوجع الاجتماعي) للتغطية على عجز باعتماد سياسات إرضائية معينة لأصحاب الأفكار الجيدة من خلال تقديم مكافآت لهم على أعمال أخرى وليس على النشاطات التي تمثل أفكارا متميزة غير تقليدية فيتم تكريمهم بإيفادات إلى خارج البلاد أو مكافآت نقدية او إقامة ولائم!
نحن في العراق، وربما في بلدان أخرى نعاني هذه الاختلاطات في الأفكار والمبادرات وإذا كان في اليابان يعترفون سنويا بأكثر من ٢٥ ألف ابتكار علمي متميز فإننا نجد صعوبة كبيرة للاعتراف الحقيقي بـ١٪ من هذه النسبة، وتحضرني للإشادة هنا جهود أربع فتيات عراقيات يعشن في الولايات المتحدة الأميركية، فلقد فزن بالمركز الأول لاختراع منظومة تصفية مياه، وقد اختارت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) هذا الإنجاز العلمي العراقي لاختباره في رحلتها القادمة إلى محطة الأبحاث العلمية العائمة الآن في الفضاء الخارجي لغرض اعتماده.
للعلم أن مشروع ماء البصرة المنكوبة بخطر التلوث بقي في أروقة وزارة البلديات مدة سنتين ليحصل على توقيع موافقة الوزيرة من أجل تنفيذه، وللعلم أيضا أن طبيبة روسية جراحة تبلغ من العمر ٩٠ عاما وما زالت تعمل في أحد مستشفيات موسكو وتنجز سنويا أكثر من ١٠٠ عملية جراحية معقدة.