ـ ١ ـ
لَمْ أنتبهْ
يومَ كُرْهًا إخوتِي اتحدوا عليَّ
قالوا: لنُنْهِي الوحيَ والنُذُرَا
لَمْ أنتبهْ
يومَ جاؤوا يُطفئونَ دمِي
كي لا أكونَ نبيًّا غيمةً مطرَا
فها أنا الآنَ
في جُبِّ الظنونِ مدىً
يَمتدُّ فيَّ ظلامٌ يُرجِفُ العُمُرَا
هلْ من خلاصٍ نهائيٍّ
يَلوذُ بِهِ من عاشَ
في لُجَّةِ الأوهامِ مُنْدَثِرَا؟

ـ ٢ ـ
أَلْقَوْ على الجُبِّ روحي
بَعْدَهَا رَجَعُوا إلى أبي
يَحْمِلُونَ الزَّيْفَ والكَذِبَا
وخَلَّفُونِي بجُبِّ الغَدْرِ
لا أَحَدٌ سوى صدايَ
الذي يَرْتَدُّ لي عَتَبَا
مَرُّوا خريفًا على عُمْرِي
وخَلَّفَنِي مُرُورُهُم
في ترابِ المُنْتَهى جَدِبَا
مَدُّوا ظلامًا إلى أُفْقِي
وقَدْ رَحَلُوا
لَمْ يَتْرُكُوا نَجْمَةً تُفْضِي
ولا شُهُبَا

ـ ٣ ـ
وحدي بجُبِّي
وذاكَ الذئبُ متهمٌ
وإخوتِي بِقَمِيصِ الموتِ ما صَدَقُوا
أبي هُنَاكَ أمامَ الزّيفِ
يَنْظُرُ في شَكْلِ القميصِ
وآهٌ منْهُ تَنْبَثِقُ
وهذه الروحُ لا أشياءَ تَسْكُنُهَا
إلاَّ الخيانةُ والخيباتُ والقَلَقُ
لأيِّ أوهامِ هذا الكونِ
في أملٍ أَمُدُّ كفًّا
بأيِّ الضوءِ أَعْتَنِقُ؟

ـ ٤ ـ
أَعوذُ باسمِكَ
مصلوباً على جسدِي
والموتُ يَطْرُقُ بابَ الروحِ والمَدَدِ
أَعوذُ باسْمِكَ مَنْفِيًّا
ولي وجَعٌ
مِزْمَارُهُ ضَاقَ من تَرْنِيمَةِ الكَمَدِ
أنا انْكِسَارٌ عميقٌ
شُرْفَةٌ سَكِنَتْ بها العناكِبُ
بَحْرٌ فائِضُ الزَّبَدِ
مُذْ كُنْتُ
دهليزُ هذا الجُبِّ يَتْبَعُنِي مثلَ الطَّريدَةِ
في تيهٍ من الرَّمَدِ

ـ ٥ ـ
حتَّامَ في الجُبِّ
لا ضوءٌ ولا أملُ
في كُلِّ رعشةِ حُلْمٍ يَعْصِفُ الوجلُ؟
حتَّامَ روحي بلا وحيٍ
وأُفْقُ دمي بالله بالشكِّ بالتأويلِ يَنْهَمِلُ؟
للآنَ رَغْمَ احْتِدامِ الموتِ
في جَسَدِي
لنجمةٍ في أعالي الروحِ أَبْتَهِلُ
أتْلو وهذي تراتيلي مُحَمَّلةٌ بالرَّيْبِ
يا ربُّ هَلْ بالموتِ أَكْتَمِلُ؟

ناصر الغساني