اسلام اباد ـ وكالات: احتشد آلاف المتظاهرين المعارضين في شوارع العاصمة الباكستانية لليوم الثاني على التوالي بعد ان حدد قادة الاحتجاج مهلة 48 ساعة لاعتقال رئيس الوزراء نواز شريف.
وتجمع المتظاهرون بزعامة المعارضين الباكستانيين عمران خان وطاهر القادري في اسلام اباد التي ساروا اليها من مدينة لاهور الشرقية لتحقيق مطالبهم.
وجرى تعزيز الاجراءات الامنية في اسلام اباد حيث تم نشر نحو 30 الف من رجال الشرطة والامن في الشوارع.
ودعا خان الى العصيان المدني ضد الحكومة. وقال امام المتظاهرين "لا توجد الا طريقة واحدة للتخلص من هذه الحكومة وهي اطلاق حملة عصيان مدني".
ودعا الناس الى التوقف عن دفع الفواتير والضرائب للحكومة الحالية متهما رئيس الوزراء نواز شريف بإهدار الثروة الوطنية لبناء امبراطورية الاعمال الخاصة به.
واضاف خان انه بعد يومين لن يتمكن من منع انصاره من التوجه الى منزل رئيس الوزراء في المنطقة الحمراء.
ووافقت الحكومة على السماح بالتظاهرة الا ان العديد من الشوارع اغلقت بحاويات شحن لحماية بعض المناطق الحساسة.
ودعا خان السبت رئيس الوزراء الى الاستقالة منتقدا الحكومة التي يقول انها فازت بالسلطة عن طريق التزوير في الانتخابات العامة التي جرت العام الماضي.
واوضح خان مطالب حزبه خلال كلمة الى المتظاهرين ، بحسب ما صرحت شيرين مازاري المتحدثة باسم حزب حركة الانصاف الباكستانية .
وقال خان "لن نعود حتى يتم قبول جميع مطالبنا" داعيا الى محاكمة جميع المسؤولين المتورطين في تزوير الانتخابات بتهمة الخيانة.
كما طالب شريف بالاستقالة مساء السبت وقال انه اذا لم يستقل فان انصاره سيدخلون الى "المنطقة الحمراء" المشددة الحراسة في العاصمة حيث تقع المباني الحكومية والسفارات.
وفي مايو 2013 تولى شريف السلطة بعد فوزه في الانتخابات العامة باغلبية ساحقة. ووصف المراقبون الدوليون تلك الانتخابات بانها حرة وذات مصداقية.
من ناحيته قال وزير الداخلية شودري ناسار علي خان في مؤتمر صحافي ان الحكومة قررت تشكيل لجنتين منفصلتين للتفاوض مع خان وقادري.
واضاف ان "اللجنتين ستضمان اعضاء من جميع الاحزاب السياسية"، وانه سيتم تشكيلهما وتبدآن العمل في نفس اليوم.
وتاتي الاحتجاجات تتويجا "لمسيرة طويلة" على المركبات بدأت الخميس من لاهور على بعد نحو 300 كلم من العاصمة، لمحاولة الاطاحة بالحكومة.
الا ان خطابات خان والقادري الحماسية لم تنجح في حشد العدد المرجو، اذ لم يتبق سوى بضعة الاف من المحتجين في العاصمة في حين وعد المعارضان بجمع مليون شخص. ودعا القادري كذلك الى اعتقال شريف بعد ان اتهمه بقتل انصاره، كما دعا الى تشكيل حكومة وطنية انتقالية.
وقال انه لن يكون مسؤولا عن اية عواقب تترتب على عدم الاستجابة لمطالبه.
واكد ان شريف وشقيقه الاصغر شهباز شريف الذي يتولى رئاسة الوزراء في ولاية البنجاب التي تعد الاكبر في الهند، لا يحق لهما تولي مناصب في الحكومة، وقال انه يجب حل حكومتيهما واعتقالهما بتهم القتل.
وكان عشرة من نشطاء حركة عوامي باكستان التي يتزعمها القادري قتلوا في اشتباكات مع الشرطة في مقره في لاهور في 17 يونيو. وجرى تشكيل لجنة قضائية للتحقيق في عملية القتل.
وقال القادري في كلمة امام انصاره ان "نظام الحكم الفاسد" لا يمكن تغييره دون ثورة.
وتابع ان الفساد ونهب الثروة الوطنية منتشر "ولن يسمح لهذا النظام بالاستمرار .. فبقاء باكستان سيكون مهددا اذا تم السماح لنواز شريف وزمرته بحكم البلاد".
واضاف "لا نريد انتخابات نصفية .. ما نريده هو الثورة".
ومن المقرر ان يجتمع شريف مع مساعديه في رايويند قرب لاهور، لمناقشة الخطوات التي يتعين القيام بها لتهدئة الوضع في العاصمة، كما ذكرت مصادر قريبة من الملف.
واعتبر المحلل حسن عسكري "اذا لم يتوصل الزعماء السياسيون الى ايجاد حل للازمة واندلعت اعمال العنف، عندئذ سيأخذ العسكر المبادرة لتسوية المشكلة، إما عبر الوساطة وإما بطريقة اخرى".
ومنذ استقلالها في 1947، شهدت باكستان ثلاثة انقلابات عسكرية، وما زال فيها التوازن بين السلطة المدنية والجيش، هشا ومصدرا للتكهنات.
وتشتبه الحكومة في ان خان والقادري ينفذان مخططا للجيش او على الاقل لقسم من اجهزة الاستخبارات، لاستمرار الضغط على السلطة المدنية التي تختلف معها على امور كثيرة، بينها مصير برويز مشرف المتهم ب "الخيانة العظمى".
وقال المعلق السياسي مشرف زائدي ان "تسوية الازمة من دون تغيير كبير ما زالت تحتاج على الارجح الى 12 او 24 ساعة، لكن على الامد البعيد، لن يتوقف كل ذلك، ومن السهل تنظيم هذا النوع من الاضطرابات في هذا البلد الذي يغلفه الاحباط".