[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
كل أنظار العالم باتجاه سوريا والعراق .. دولتان تعيشان قهر "داعش" بطريقة إجبارية، لكن المسألة قضية وقت وتوقيت، لا بد من الاعتراف أن فن العمل العسكري يكمن في سياسة تقوده .. الجيوش لا تعجز عادة عن إتمام مهماتها، لكنها إن قررت المعركة فيجب أن تنتصر، لا لزوم للمفاجآت في عرف قادة العسكر، وسوريا المنتصرة في حربها المتنقلة يجب أن تكمل نصرها أينما أرادت.
القيادة السورية تعرف حجم "داعش" أنها دعائية أكثر منها واقعية، من استولدها وضع لها خبرات في كيفية تقديمها إلى العالم وخصوصا العرب والمسلمين بالشكل الذي يرمي الرعب في قلوبهم .. تلك المسألة النفسية تعني أن القوة محدودة والقدرة محددة وواقع الأمور أن شكل السيطرة يحتاج لضجيج عالي المستوى كي يستوي مع مرحلته.
ستخوض سوريا معركتها الحاسمة مع هذا التنظيم البدائي البربري المتوحش الذي يحمل في عقله غبار الصحراء كي لا يرى سوى ما يريد أن يراه ملائما له، فإذا عرفنا أن كل ما هو بوجهه ليس ملائما، فبالتالي عليه سحق كل شيء من أجل البقاء، الأمر الذي يجعل مصيره على محك التجربة، وما من قوة بهذا التصور إلا وتكون فزاعة أكثر من واقعها.
هذا ما كشفه اليد حسن نصرالله، وهو ما تعرفه سوريا ويعرفه العراق، وكل المحيط بالدولتين العربيتين اللتين تحملان العبء الأكبر في معركة تحتاج لاصطفاف الجميع لأنه مهمتهم في معركة البقاء. والبقاء هنا، بكل صراحة القول، إما شاملا أو فليكن موتا شاملا أيضا.
لا تخويف ولا خوف من البرابرة الجدد .. لقد عانت سوريا أفظع بكثير من هذه المرحلة، وعانى العراق أيضا سقوط الدولة والنظام والجيش والمؤسسات والمجتمع .. الحياة ولادة لمن له إرادة البقاء والصمود والتحدي وممارسة العقل البارد في الأزمات الحامية والساخنة. تلك سوريا إذن، وهي تستعد لمعركة المصير مع برابرة حسبوا أن وضع اليد على الأوطان ستظل مؤبدة، فيما هم كأي محتل مغامر، سيعلن دون أن يدري الانتفاضة الوطنية التي تكبر ضده، وسيأتي الوقت الذي تقاتله حتى الحجارة وإسفلت الشوارع والأشجار، فكيف عندما تحتدم الشعوب لإخراج محتل من أرضها.
يعيش "داعش" وسواس بقائه، ولهذا السبب تراه يضرب في كل اتجاه لأنه يخاف الاتجاهات كلها ومن أي مصدر كان .. لكنه ينسى النظرية التي اثمرت على مر التاريخ وتقول "إن كل ما وصل إلى حده انقلب إلى ضده" .. التآكل هي المرحلة المقبلة من عمر هذا التنظيم. فعل الكارثة سوف يزحف ببطء عليه مهما استظل بقوى ومهما حاول من معونة خارجية ومهما برع في إعلامه الموحي بأنه أقوى مما يعتقد الآخرون، فيما هو أضعف بكثير من الحجم الذي يقدم حاله فيه.
سوريا القادرة ستفاجأ الجميع بهندستها العسكرية المنتصرة عندما يحين زمن إنهاء ظاهرة "داعش" التي لن يبقى منها ما يخبر عنها سوى نتف مبعثرة ستموت عند موت الأصل. "داعش" حكمت على نفسها بالزوال منذ أن ذبحت أول إنسان بلا سبب سوى أنه إنسان .. وحين قتلت بالجملة صفوفا من الناس الذين لا ذنب لهم أيضا سوى أنهم بشر، فقد سرعت موتها وزوالها.