[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
”لقد بدأ بعض هؤلاء المعارضين السوريين نشاطهم في الدعوة إلى إصلاح البنية السياسية العامة في بلادهم، وكانوا يتمنون على دمشق أن تصغي لمطالبهم في إطار مساعٍ حثيثة للدخول على حدث الأزمة السورية، وعلى حين غرة دخلوا على حدث الأزمة بالدعوة المفرطة إلى استخدام القوة عندما بدأوا (يقبضون) من المال السياسي السائب إقليميا وعالميا.”

يظل بلوغ مرتبة السياسي الصالح القاعدة الآمنة لبناء الدولة، وبالتالي تأسيس تقاليد عمل وعلاقات تحكمها الشفافية ومعادلات التضامن والتنافس، ولكن على أسس نظيفة وليس بالمواربة والالتفاف وتسجيل المواقف على هذا الطرف أو ذاك، ويظل رصد العيوب وإصلاحها تحت طائلة العمل بموجب أفضليات التشاور وتداول الآراء.
الحال، أن مرتبة السياسي الصالح تقتضي بموجب ما تقتضي أن يكون على سدة السلطة مسؤولون يجدون في العمل الذي يضطلعون به خدمةً وليس امتيازا، وبخلاف ذلك عندما يسقط هؤلاء المسؤولون تحت وطأة الشعور بالتفويض المطلق في هذا الشأن أو ذاك فإنهم ينجرفون عاجلا أم آجلا إلى ضغط القوة الزائفة التي يعتقدون أنهم يملكونها.
لقد قلت ذلك في أكثر من مناسبة ومنها خلال المؤتمر الدولي لتخفيف النزاعات والمصالحة في سوريا الذي انعقد في بيروت يومي 17 و18 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2016 متناولا عيوب المصالحة في العراق، وأجد مجددا أن ما قلته آنذاك ما زال لازمة ملحة في المشهد العراقي الحالي تحت وطأة اتهامات ودفوع مضادة لها تتصدر المشهد بالمزيد من المعلومات والتلفيق أيضا وشراء الوقت، وأسأل من أين جاء هؤلاء السياسيون بالأموال التي هم مستعدون لدفعها مقابل حصولهم على مناصب معينة، مع العلم أن أغلبهم إن لم أقل جميعهم لا يستطيع الواحد منهم في عهد سابق من استبدال حذائه الذي أبلاه المشي على الأقدام؟ وكيف لهؤلاء أن يشتروا مناصب بهذه الكلفة إذا لم يعتقدوا جازمين أنهم سيربحون أضعاف أضعاف ما دفعوه من أجل تلك الوظائف (السمينة)، فضلا عن نشوة العروض الإعلامية مداواة لفقر المواقع التي يشعرون بها مع العلم أن بعضهم لا يجيد إدارة جلسة حوار في مقهى من المقاهي في بعض زوايا أحياء بغداد؟!
إنني إذ أشير إلى ذلك فأنا أتحدث عن شهود وتشخيصات ميدانية ومتابعة لسياسيين عراقيين وسوريين سجلوا أنفسهم ضمن قائمة المعارضة، ونقلوا تواجدهم إلى أكثر من عاصمة أوروبية أو أميركية بعد أن ساءهم رائحة الياسمين الدمشقي!!
لقد بدأ بعض هؤلاء المعارضين السوريين نشاطهم في الدعوة إلى إصلاح البنية السياسية العامة في بلادهم، وكانوا يتمنون على دمشق أن تصغي لمطالبهم في إطار مساعٍ حثيثة للدخول على حدث الأزمة السورية، وعلى حين غرة دخلوا على حدث الأزمة بالدعوة المفرطة إلى استخدام القوة عندما بدأوا (يقبضون) من المال السياسي السائب إقليميا وعالميا.
لقد نشط لغو هؤلاء المعارضين على حجم ما كان يدفع لهم من أموال، وكانوا يتصدرون شاشات الفضائيات (بربطات عنق) أميركية وفرنسية وألمانية وبريطانية بادعاءات متكررة أنهم على بعد ساعات من دخول العاصمة السورية وتأسيس حكم جديد فيها مصنوع من طاولات سياسية ليس لخشب الشجر السوري موضعا لها! ولي هنا أن أضع القارئ الكريم في مراجعة لما كانوا يصرحون به بدون حياء من الدعوة للقتل والتدمير وإشعال الحرائق خلال السنوات ٢٠١٣, ٢٠١٤, ٢٠١٥, ٢٠١٦ وحتى منتصف عام ٢٠١٧، وكيف هم الآن؟ إنه سؤال محوري من السهل أن تلتقط الإجابة عليه بعد أن عقدت ألسنتهم (لكنة) الصمت، إثر انحسار الجسر المالي السياسي الإقليمي باتجاههم فانقطعت الكلفة المالية عنهم ناقلةً المحفظة (النقدية) إلى قضايا أخرى.
إن أغلبهم الآن بدون (ربطات عنق) يلوذون بالصمت في زوايا إقليمية ودولية، وينتظرون إطلالات المبعوث الدولي إلى سوريا دي ميستورا، وهكذا يكونون قد اتخذوا من حضيض السكوت مأوى لهم، ليس من باب السكوت من ذهب بعد أن ذهبت آلاف الدولارات التي كانت تمنح لهم.
إن البينة الأخلاقية لمرتبة السياسي الصالح لا تحتاج إلى تحر مضن لأنها معروفة، وعموما الغابة لا تضم فحسب الوحوش الكاسرة والنمل القاتل والطيور الجارحة، بل أيضا الغابة لا تخلو من الأزهار المعطرة والطيور الصادحة والأغصان المثمرة، وتلك أحد مؤهلات فرص الإصحاح السياسي.
على أي حال، آخر مستجدات مزاولة الأوهام والالتفافات أن يقول البعض، إن الرئيس السوري بشار الأسد ربح الحرب، ولكن سوف لا نجعله ينعم بالسلام، فجاجة هؤلاء المعارضين أنهم لا يريدون الاعتراف بأن سوريا الدولة ربحت الحرب ونقطة على السطر.