إن الزعماء العظام والتاريخيين يحجزون عروشهم الوثيرة في قلوب شعوبهم أولًا وفي صفحات التاريخ الإنساني، ولقد احتل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ قلوب أبناء عُمان الأوفياء بدون منازع، وذلك بفضل صنيعه الذي أحل به عُمان وشعبها أعظم مكانة بين اﻷمم، والعمانيون وهم يتلقفون عبارات الشكر والتقدير من لدن جلالته ـ أعزه الله ـ على مواقفهم الطيبة وحرصهم الكبير على السؤال عن قائدهم المفدى وعن أحواله وصحته وهو في رحلة إجازته، فإنهم لن ينسوا لباني نهضتهم المعاصرة ـ أيده الله ـ عظيم صنيعه، وحسن قيادته لسفينة هذا الوطن، والعبور بها إلى بر الأمان والإنجازات والتقدم رغم تقلبات وعواصف الدهر، وهي سطور عظيمة في تاريخ هذا الوطن ستتولى الأحبار في البوح بأسرار عبقريتها واكتمال أسباب تفرد تجربتها الإنسانية.
وما من شك أن تلك العبارات التي أزجاها جلالته ـ أبقاه الله ـ إلى أبناء شعبه الأوفياء التي تضمنها البيان الذي أصدره ديوان البلاط السلطاني أمس قد لامست بحق وجدان كل إنسان ينتمي إلى هذا الوطن، ولامست بحق الشعور الوطني للعمانيين، لإنها صادقة المشاعر مفعمة بالدفء، ومحملة بأعبق مشاعر الحب والوفاء، ومعبرة عن مدى ما يكنه عاهل البلاد المفدى ـ أعزه الله ـ من كبير حب وعظيم امتنان لأبناء شعبه وعلى التلاحم والترابط الدائمين وحميمية العلاقة المتبادلة بين قائد أخلص لله ولوطنه ولشعبه، وكرس جهده ووقته لرقي الوطن وأبنائه، ولشعب اشرأبت أنظاره منذ بداية عهد النهضة المباركة في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970م إلى العهد الجديد المشرق، مشمرًا عن ساعد الجد والإخلاص، ضاربًا أروع صور التضحية والفداء والولاء والانتماء والإخلاص لله وللوطن والسلطان.
لقد كان يوم أمس بالنسبة إلى كل عماني يومًا وطنيًّا من أيام تاريخ عُمان الماجدة، وهو تتناهى إليه عبارات الشكر والتقدير من لدن باني نهضته الحديثة، مؤكدًا أن عُمان وأبناءها الأوفياء لم يغيبوا لحظة عن وجدانه وفكره وعقله وقلبه، وأنه يدير شؤون هذا الوطن العزيز، موجهًا ومتابعًا لكافة مسارات التنمية في مختلف بقاع الوطن كما عهده أبناء شعبه المخلصون، أينما يكون، وحتى عودة جلالته بعون الله وحفظه إلى وطنه العزيز بين شعبه الوفي.
حقًّا إنها تجليات أسرار العبقرية وحكمة القيادة، ولحظات التأكيد على الوفاء والصدق والتفاني تتجلى في أروع صورها الوطنية الناصعة، إنها تجليات ولحظات قادت بتفاصيلها الدقيقة ومفاصلها المتينة إلى بناء الدولة العمانية العصرية، لازم مراحل تشييدها وترسيخ أركانها وقواعدها فكر وقَّاد وعزم لا يلين وعمل قويم تمثل في قوة الشخصية وحكمة القيادة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ أيده الله ـ. فالدولة العصرية التي أرادها جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ أن ترتكز على حشد كل طاقات الوطن التي تشمل الإنسان والموارد، وترسيخ أواصر الوحدة الوطنية بكل ما تعنيه من قوة وتماسك وتعاضد وترابط بين أبناء هذه الأرض الطيبة، وتحقيق الشعور العميق بالأمن والأمان في كل ربوع الوطن، حيث انطلق الإنسان العماني إلى عمليات الإسهام في التنمية والبناء بكل طاقاته وقدراته مطمئنًا على حاضره ومستقبل أبنائه.
وأمام ذلك، انفتحت أبواب التطور والتقدم والرقي واسعة أمام المواطن على أساس من تكافؤ الفرص، دون تمييز لتحقيق تطلعاتهم وطموحاتهم، ورؤية الآمال التي تجيش في صدورهم حقيقة ماثلة أمام أعينهم، وذلك في إطار تنمية شاملة ومستدامة يتمتع المواطن بثمارها الطيبة أينما كان على أرض عُمان الخيرة، وهو ما يعبر عنه واقع الحياة اليومية للمواطن وما تم إنجازه على امتداد ما ينيف على ثلاثة وأربعين عامًا، وما تؤكده ملامح المستقبل المشرق في جميع المجالات.
حفظك الله ورعاك وأيدك بتوفيقه وأكلأك ميامين كرمه ولطفه يا راعي مسيرة هذا الوطن الذي وهبته جل جهدك وعصارة فكرك وصنعت معه وبه تجربة حكم وتنمية تشكل اليوم إحدى الصفحات المشرقة في التاريخ البشري المعاصر.. تجربة حضارية فريدة في نوعها، ملهمة لغيرها، بالنظر إلى عوامل الزمان والمكان والظروف والتحديات غير المتوقعة.