على الرغم من الضجيج الذي لا يؤذي إلا أصحابه، يوالي الجيش العربي السوري إنجازاته الميدانية اللافتة، مصرًّا على مطاردة فلول الإرهاب والارتزاق والتكفير والتمرد، وإلحاق الهزائم بهم، وهذا كان ولا يزال أحد أبرز عناوين عمليات هذا الجيش ذي العقيدة الوطنية الثابتة، فهو لا يدخل منطقة سورية خاضعة رقابها تحت مناجل الإرهاب إلا وأعتق رقابها، ودحر الإرهاب وأدواته.
ومنذ اتخاذ سوريا ـ شعبًا وجيشًا وقيادةً ـ قرار تطهير الوطن السوري من رجس الإرهاب في مدينة القصير، كان مبدأ الحزم والحسم ثابتًا، واستخدام العصا في المناطق الميؤوس منها والمسيطر عليها من قبل أدوات الإرهاب والإجرام المجلوبة من الخارج، وكذلك المصالحة في المناطق المغرر بشبابها، وعدم الالتفات إلى الزعيق والضجيج، لأنهما ليسا سوى تعبير واضح عن حجم ألم الاندحار والانكسار لدى معشر المتآمرين وأدوات إرهابهم وإجرامهم، وهو ما مكَّن سوريا من أن تحافظ على هدوئها وثباتها ومواصلة عملية تطهير المدن بعد القصير كيبرود والقلمون وحمص وكسب والمليحة من الإرهابيين المسلحين، وهي الأشياء ذاتها والمتطلبات نفسها التي تضع الجيش العربي السوري على عتبات تطهير مدينة الرقة وحي جوبر وكذلك مدينة حلب الشهباء في قادم الأيام بإذن الله.
فقد كان لافتًا العمليات العسكرية المكثفة التي قام بها سلاح الطيران السوري على محافظة الرقة وضرب مراكز وتجمعات فلول تنظيم ما يسمى "الدولة الإسلامية" (داعش)، موقعًا بينهم عشرات القتلى والجرحى، حيث وصفت هذه الغارات بالمركزة، ما يمهد الطريق لقرب تطهيرها من رجس الإرهاب واستعادتها من أيدي عصابات ما يسمى "داعش"، في الوقت الذي حقق فيه الجيش العربي السوري تقدمًا ملحوظًا في مناطق عدة من أهمها ريفا دمشق وحلب.
وما من شك أن محافظة الرقة لا تختلف في الأهمية ـ وإن بدرجات ـ عن بقية المحافظات والمدن السورية، إلا أن استعادة الجيش السوري الرقة ستمثل ضربة قاصمة وموجعة لتنظيم ما يسمى "داعش"، وانتصارًا عسكريًّا ومعنويًّا لسوريا وجيشها، إذ من شأن تطهير الرقة واستعادتها أن يعطي الجيش السوري أريحية وقدرة على تطهير كل من دير الزور والحسكة بشكل كامل من عصابات تنظيم ما يسمى "داعش" الذي أراد هذا التنظيم الإرهابي من الرقة أن تكون عاصمة لما يسميها "الخلافة" أو بالأحرى منطلقًا لإرهابه باتجاه مشارق الأرض ومغاربها. إلا أن كلمة الفصل ـ كالعادة ـ ستكون كما كانت لصاحب الحق الفصل وتحويل الرقة إلى كوابيس وأشباح تطارد الإرهابيين والمتآمرين والحالمين والمغرر بهم، مثلما حوَّل القصير ويبرود والقلمون وحمص وكسب والمليحة، فشتان بين من يدافع عن قضية ويحمل هموم وطن وشعب، ويتسلح بالولاء والانتماء والوطنية والشرف، وبين مأجور يجمع بين الإرهاب والتكفير والارتزاق يمارس الإرهاب والتدمير والتخريب والقتل ويتم توجيهه بجهاز تحكم "ريموت كنترول"، ومقابل دولارات مغموسة في دماء أبناء الشعب السوري، ولا يحمل قضية عادلة يناضل من أجلها.
المشكل أنه على الرغم من كل ذلك لا يريد ذلك المأجور أن يفكر ويقدر أنه ليس صاحب قضية، وأنه في نظر الشرائع السماوية وفي القوانين الوضعية مجرد إرهابي مجرم آثم لفساده في الأرض بقتل البشر والحياة دون وجه حق، وإنما ظلمًا وعدوانًا، وأنه مجرد أداة بيد حفنة من المتآمرين والمستعمرين والعملاء، والحاقدين، وأنه بإصراره على إرهابه لم يهلك ذاته، وإنما أهلك معه أبرياء وسحق أرواحًا طاهرة وبريئة.