[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
بتحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيوغوتيرس لأكثر من 140 زعيم ورئيس حكومة من مختلف انحاء العالم خلال اجتماعات الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك امس الأول، محذرا لهم من تزايد الفوضى في النظام العالمي الجديد, يكون الرجل قد بدأ تحسس مواضع الألم في جسم النظام العالمي المريض، ومع أنه تحذير جاء متأخرا، غير انه أفضل من ان لا يأتي، خصوصا وان العلاج لابد أن يكون ممكنا.
مما لاشك فيه ان الأمين العام شاهد وعاصر كافة مراحل التدحرج السريع للنظام العالمي نحو "الفوضى" سواء كان عند وجوده في موقع المسؤولية او قبلها كسياسي وتنفيذي او حتى كمعايش للواقع السياسي العالمي ومراقب له، غير ان انجازات هذه المنظمة الدولية في وقت من الأوقات لربما كانت تبعث ببعض الأمل في احتمالية اصلاح الحال، خصوصا وان المنظمة كان لها حضورها التوافقي المعقول في التعاطي مع قضايا العالم بما يتوافق مع أهدافها المعلنة المتمثلة في التعاون بمجالات القانون الدولي، وتحقيق السلام والأمن الدوليين وتعزيز التنمية الاقتصادية والتغيير الاجتماعي وتعزيز حقوق الانسان.
ربما اسهم ما تحقق من انجازات سابقة للأمم المتحدة في تأخير دق ناقوس الخطر من تزايد فوضى النظام العالمي، ولكن كما يبدو ان تتابع سقوط حبيبات عقد هيبة المنظمة الدولية بعد انفراطه في عالم ما زال فيه القوي هو المسيطر الحقيقي على جميع مفاصل القوى بمختلف تصنيفاتها وينبغي سماع كلمته بحكم أهمية الخضوع إلى نتاجات سياسة الأمر الواقع ..... وعلى ضوء ذلك الواقع المرير وجدت الأمم المتحدة نفسها بأن هيكلها البنيوي نفسه ربما يكون هو ثغرات ضعفها التي نفذ من خلالها الأقوياء للسيطرة عليها وتحجيمها وتوجيه قراراتها وفق مصالحهم، فكانت النتيجة النهائية المضي قدما نحو الفوضوية التي يحذر منها الرجل حاليا.
في الواقع ان فوضى النظام العالمي بدأت معالمها منذ انتهاء الحرب الباردة حيث نتج عن ذلك سيطرة نظام احادية القوى وتوالت بعدها موجة من عمليات استخدام القوة ضد دول كالعراق على سبيل المثال لا الحصر وذلك خارج نطاق المنظمة الدولية وعبر مسرحيات فحواها ذر الرماد على العيون وعبر تمرير مبررات ثبت لاحقا عدم صحتها.
وليس هذا فحسب، بل توالت مؤشرات الفوضى لدرجة تم فيها اتخاذ قرارات فردية في قضايا مصيرية تخص شعوب وامم ظلت الامم المتحدة عاجزة عن الوصول إلى حلول قاطعة بشأنها بينها مصير القدس التي تم توجيه دفة تقرير سيادتها بسياسة الأمر الواقع بالانحياز لطرف على حساب الآخر وخارج اطار الأمم المتحدة.
ويبدو ان الفوضى التي جاء الإحساس بها متأخرا سوف تتسع قاعدتها في وقت ـ كما اقر الأمين العام للأمم المتحدة ـ فشلت فيه المنظمة في حل سبع قضايا مهمة لم يسمها، في حين ان كافة المؤشرات تؤكد على ان تلك القضايا لابد ان يكون بينها الازمة السورية، والازمة اليمنية، والقضية الفلسطينية، وقضايا حقوق الانسان، والسباق النووي المصروف النظر عنه في مناطق العالم، وغيرها الكثير الكثير من القضايا المهمة.
وعليه فإن تلافي استمرار الفوضى في النظام العالمي ممكن لو حرصت الامم المتحدة نفسها على اصلاح هيكلها ومنظماتها وآلية اتخاذ القرارات فيها حتى تتمتع المنظمة الدولة بالهيبة التي ينبغي ان تكسوها وبالتالي يعمل الجميع الف حساب لها قبل الإقدام على اي عمل يخل بمكانة النظام العالمي.

طارق اشقر من
أسرة تحرير الوطن
[email protected]