[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
تهتم المؤسسات الأميركية بموضوع الإحصاءات والأرقام المالية، وتعمل في هذا القطاع برامج حاسوبية في غاية الدقة، لكن المثير للاهتمام أن جميع المؤسسات والدوائر الأميركية المعنية لم تقدم إحصاءات وأرقاما دقيقة عن حجم الخسائر المالية، ناهيك عن البشرية منذ العام 2001، أي بعد الغزو الأميركي لأفغانستان وبعد ذلك غزو العراق في العام 2003، ومن يحاول البحث في محركات البحث العملاقة عن تكلفة الحرب يصدم بالتباين في الأرقام، فهناك دراسات كثيرة صدرت عن مراكز أبحاث متخصصة وتصريحات وبيانات كثيرة أيضا أطلقها مسؤولون ودوائر معنية، تتناقض جميعها وبدرجات حادة، وكانت أحدث البيانات قد صدرت عن وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، يشير كما نشرته المواقع الرسمية،أن الولايات المتحدة أنفقت في حروبها المندلعة منذ هجمات 11 من سبتمبر عام 2001، أكثر من 1.5 تريليون دولار، أي ما يعادل ميزانية دولة كبرى مثل ألمانيا لمدة 5 سنوات. وذكرت البنتاجون في تقريرها أن هذه النفقات تشمل الحروب في أفغانستان والعراق وسوريا.
في حين تظهر أرقام مغايرة تماما، واستنادا إلى تقديرات مشروع تكاليف الحرب في معهد واتسون للشؤون الدولية والعامة بجامعة براون، الذي أعلن أن الحرب على كل من أفغانستان والعراق كلفت الأميركيين مبلغًا هائلًا يصل إلى 5.6 تريليون دولار منذ عام 2001، عندما غزت الولايات المتحدة أفغانستان والعراق.
وبدأت الحقائق تتكشف في وقت مبكر، ففي العام 2008 وبينما كانت القوات الأميركية تستعد لبدء الانسحاب من العراق بسبب حجم الخسائر الهائل المادية والبشرية نتيجة للهجمات الشرسة التي شنّها المقاومون في العراق، وبعد أن ازداد الحديث عن هذه الخسائر، أعلنت حينها الإدارة الأميركية، أن تكلفة الحرب في العراق قد وصلت إلى خمسين مليار دولار، لكن معلومات متطابقة تضمنها كتابان صدرا في الولايات المتحدة منتصف العام 2008 أكدا أن الخسائر تفوق ذلك الرقم بكثير، الكتاب الأول من تأليف جوزيف ستيجليتز، الحائز على جائزة نوبل، وليندا بيلميز، الأستاذة بجامعة هارفارد.وجاء عنوان الكتاب "حرب الثلاثة ترليونات".
وسلط الكتاب الضوء على التكلفة الحقيقية لحرب العراق، التي تم إخفاؤها عن دافعي الضرائب الأميركيين، ويقول مؤلفا الكتاب إن إدارة بوش أخطأت بشأن النتائج الإيجابية لهذه الحرب، كما أخطأت مرة أخرى بشأن نفقاتها. فقد توقع الرئيس ومستشاروه أن تكون هذه الحرب قصيرة وخاطفة وغير مكلفة، وعندما أعلن كبير مستشاري الرئيس بوش للشؤون الاقتصادية أن تكلفة الحرب على العراق ستكون بين مائة ومائتين مليار دور قبل الغزو بنصف عام تقريبا في مقال نشره في الصحافة الأميركية عزله الرئيس في نفس يوم نشر المقال، لكن الخبير الاقتصادي العالمي ومستشار الرئيس عاد ونشر كتابا في شهر أغسطس من العام 2008 كشف فيه الأرقام الحقيقية لتكلفة الحرب، مؤكدا أن الولايات المتحدة قد أنفقت حتى منتصف ذلك العام ثلاثة آلاف مليار دولار.
ولأن تكاليف الحرب ما زالت متواصلة بعد أن فشلت الحملة الأميركية على أفغانستان، وأن الحرب ما زالت مستمرة مع زيادة قوة الأطراف المناوئة للحكومة الأفغانية التابعة للولايات الأميركية من وجهة نظر خصومها، واضطرار الولايات المتحدة العودة بقوات إلى العراق ونشر قوات أخرى في سوريا بعد انسحاب هذه القوات من العراق أواخر العام 2011، فإن التقديرات الحقيقية لتكلفة الحرب تبقى غامضة لكنها هائلة بدون شك. وأن الأرقام بازدياد.