[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
عندما أغلقت صحيفة "السفير" اللبنانية أبوابها قبل سنتين، شعرنا بالفراغ الذي أحدثته، خصوصا والوضع في سوريا يحتاج لأكثر من جريدة قومية عروبية، بل الإعلام العربي عموما بحاجة لمن يمسح غبار المؤامرة على العرب وسوريا تحديدا.
ثم جاء إغلاق جريدة "الاتحاد" التي توقعنا لها دورا يشبه دور "السفير"، لكن الحظ لم يحالفها، بعد أن توفي صاحبها بشكل فجائي، فكانت صدمة لهذا الإعلام الذي لا نقول إنه ممانع، بل منتصر إلى سوريا لكنه جازم في موقفه المتضامن مع القضية الفلسطينية إلى أبعد مكان.
اليوم يجيء دور مؤسسة صحافية عريقة تنوي على ما يبدو إغلاق أبوابها .. صحيفة "الأنوار" التي تأسست عام 1954 تترنح منذ وقت ليس بالقصير .. بل إنها المحسوبة على "دار الصياد" عموما، وهنالك مجلات ودوريات تصدر عنها، باتت مهددة تماما بأن تقول في لحظة ما وداعا وليس إلى اللقاء. وكلنا يعرف أن مجلة "الصياد" السياسية تأسست في أربعينيات القرن الماضي وهي سياسية عربية المنحى أسسها سعيد فريحة، ثم كانت المجلة الفنية "الشبكة" التي خدمت كل أشكال الفن العربي وما زالت.
نحن إذن أمام مزيد من الفراغ الصحافي في لبنان، والذي بات يقوم على توقف صحف عن الصدور، بعدما تراجع عدد القراء إلى أعداد لا تذكر، واكب ذلك ندرة إعلانية كان لها التأثير على تلك الصحف التي تتعايش من مصادر مختلفة، ولا أعتقد أن لها قدرة ذاتية على البقاء صامدة دون وجود نبع مالي يتدفق في أحشائها.
ويبدو أن العالم يعيش ما تعيشه أزمة الصحف في لبنان .. لكنها تسعى أن ترتب وضعها بما يتناسب مع واقع الأمور الإعلانية وإمكانيات الدعم المحلي والخارجي. فالصحافة اللبنانية مثلا عاشت على دعم خارجي مكنها من الاستمرار، وما زال من لم يتوقف منها يتلقى الدعم الذي يمد في عمر صحيفته .. وكنا نشتم بكل بساطة من خلال كتابات الجريدة أو المجلة والأسماء التي تعمل فيها أو تكتب رأيها، من يقف وراءها، ولم يكن خافيا، بل لم يكن يخفي صاحب المطبوعة من مموله، وكان معروفا إن أكثر دولتين مولتا صحفا ومجلات هما العراق وليبيا، وقبلها كان بعض الخليج العربي ممولا وأعتقد أنه لم يزل حتى الآن.
كانت الصحيفة في لبنان عندما تتوقف تصنع حدثا، أما اليوم فالأمور باتت عادية، وقد لا ينتبه أحد إلى أن فراغا في الساحة الصحافية وقع، وأن ثمة غيابا لصيحفة أو مجلة عن الأكشاك الموزعة في المدينة أو القرية أو المكتبات مثلا.
من المؤسف أن تتوقف دار عريقة كدار "الصياد" عن إصدار مطبوعاتها وهي التي صرفت عليها الملايين من الدولارات. وكان مؤسسها الراحل سعيد فريحة، نجما إعلاميا كبيرا، بل إن الرئيس عبد الناصر كان يحرص بشكل يومي أن تكون صحيفته على مكتبه إلى جانب صحف لبنانية أخرى، لكن فريحة كان له حضوره الدائم في القاهرة ويحظى بالاحتضان وبالدعم أيضا.
كان يقال من افتتح مدرسة أغلق سجنا، واليوم يقال غياب صحيفة يعني نهاية صوت كان له صداه ومفعوله المؤثر، بل إن بعض الصحف كانت مانشيتاتها على الصفحة الأولى كالقنبلة التي تنفجر كلما قرأها أحدهم.