[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
بالنسبة للعادات والصفات العامة ليهود بغداد، يقول الدبلوماسي البريطاني، إن اليهود طموحون جدًّا ومجدون في عملهم، وذوو قابليات ومقتدرون وهم بارعون ودمثون ولبقون، وفي كل يوم يزدادون غنىً نتيجة للتعليم، وهناك العديد منهم يفهمون الآن أن السعادة في الحياة لا تتكون إلا من تكديس الأموال فقط، وكذلك بالعيش الرغيد في الوقت الحالي. وتروق لهم مناطق سكن المسيحيين في المدينة لأنها أنظف وأبهج نسبيًّا. وفي مناطق السكن المسيحية لا يمكن الحصول على منزل جديد بأقل من أربعين ليرة سنويًّا. وهذا الإفراط في الإيجارات عائد إلى اليهود فقط. وهو مصدر إزعاج للمسيحيين، لقد تفوق اليهود على المسيحيين في التعليم والمستوى المعاشي وما شابه ذلك. وهم يأملون أن تحصل بغداد الآن على أهمية متزايدة من وراء تشغيل مشروع خط سكة الحديد المقرر عبر الصحراء السورية. وهم يعتقدون بأن بغداد سرعان ما ستصبح مركزًا مهمًّا جدًّا للتجارة والسكن، وبذلك سيكونون قادرين على رمي أنفسهم في تيار المضاربات.
وجاء الاحتلال البريطاني للعراق الذي وصفه الكاتب الإنجليزي (R.C.Thompson) بأنه يشبه دخول الفرس في زمن كورش بابل، وكان يصف دخول القائد الإنجليزي مود بغداد في الحادي عشر من آذار/مارس 1917 ولم يأتِ هذا الربط من قبل الإنجليز اعتباطًا، وإنما كان القصد واضحًا، وهو فتح نوافذ جديدة أمام يهود العراق لبدء مرحلة أخرى في نشاطاتهم، وكان الوضع الاقتصادي أهم المؤشرات خلال تلك السنوات، فبعد أن نشطت الوسائل التجارية، فقد أصاب اليهود الذين كانوا يستحوذون على نسبة كبيرة من التجارة، الرخاء الاقتصادي إذ حققوا أرباحًا كبيرة من تجارتهم، وقد تنفس اليهود الصعداء مع احتلال الإنجليز للمدينة (إبراهام بن يعقوب ص97) واشترك اليهود في فترة الانتداب البريطاني في جميع مؤسسات الحكومة، وأمسكوا بزمام التجارة في الدولة، وساعدت في ذلك نسبة كبيرة من المثقفين اليهود وخريجي مدرسة اليانس، الذين تعلموا بدقة اللغات الإنجليزية والفرنسية والعربية والعبرية أيضًا، وكان قسم من اليهود يعملون في الاستيراد حوالي (70%) وفي التصدير حوالي (40%) وكانت النسبة الكبيرة من اليهود، يعملون في البنوك وكان هناك الأطباء والمحامون والصيادلة وباقي المهن الحرة، وكان لشركة (نتنأل ترانسبورت) اليهودية علاقات مع جميع بلدان الشرق الأوسط.
وبعد انتهاء الحكم العثماني وفي فترة الانتداب 1921-1932م كان لليهود دورهم الكبير في الحياة الاقتصادية، فعملوا كدائنين بمبالغ صغيرة لأهل البلاد، الذين كانوا يجهلون أو يشكون بأساليب البنوك الأوروبية، كما كانت لهم (بنوك) كبيرة مثل بنك (زلخا) وبنك (كريديه) وبنك (ادوارد عبودي) كما احتكروا تجارة أهم البضائع في أسواق العراق كصناعة الأبسطة والحصران والأثاث والآجر والأحذية والأخشاب والأدوية والأسلحة والأقمشة والتبغ والأرز والحلويات، وكانت أكبر الشركات في بغداد (شركة خضوري وعزرا ميرلاوي) أصحابها الوكلاء الوحيدون لاستيراد دهون وشحوم شركة موبل أويل الأميركية للبترول بفروعها في البصرة والموصل وكركوك ويشكل اليهود غالبية تجار سوقي (الشورجة) و(دانيال) في بغداد.
يقول يوسف ميئر: كانت التجارة في العراق، تخضع لسيطرة اليهود والبريطانيين وكان من بين مصانع النسيج الصوفي الأربعة في القطر مصنع واحد يملكه اليهود. كما كان من بين الشركات الأربع للنقل النهري اثنتان يملكها اليهود. أما القطاع المصرفي فقد كان يخضع للسيطرة اليهودية وكان البنك الوحيد الذي كانت له فروع في الخارج (في بيروت ودمشق) يمتلكه أحد اليهود وهو خضوري زنخه (نسبة اليهود كانت إلى السكان حوالي 3 بالمئة فقط).