[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
رغم ان لبنان الرسمي اخذ مشهد نتنياهو من على منبر الأمم المتحدة محمل الجد، الا ان المعني مباشرة بهذا الامر وهو حزب الله لم يحرك ساكنا حتى الآن، ولا يبدو انه سيرد في المدى المنظور، بل انه لم يشكل الامر قلقا سوى بضعة حسابات.
وكان نتنياهو قد رفع صورة من على المنبر لمطار بيروت وحدد عليها وجود اماكن قال انها صواريخ لحزب الله، الأمر الذي دعا وزارة الخارجية اللبنانية الى تحرك عاجل للرد على ترهاته، ومن المؤكد ان وزير الخارجية جبران باسيل قد قام امس بزيارة الى الاماكن التي تحدث عنها نتنياهو برفقة بعض السفراء العرب والاجانب من اجل الكشف عن الاماكن المقصودة بأنها خالية تماما من اية صواريخ.
منذ ايام قال نتنياهو انه طارد ايران في سوريا ولسوف يطاردها في لبنان والعراق .. فجاء الرد من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بالتحذير من المساس بلبنان لأن ذلك سيقوض السلام في المنطقة حسب تعبيره. لكن نتنياهو الذي يلعب بالنار، وهي التي ستحرقه، قد يكون اكتشف في وقت لاحق، ان من يسعى لكشف مواقع صاروخية لخصمه او لعدوه وهي الكلمة الانسب، يعني ذلك في العلم السياسي انه لا يريد حربا، لأنه كان اجدى به ان يعمد الى قصف الموقع اذا كان متأكدا بدلا من الاشارة اليه.
مشكلة رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي هي جبهته الداخلية، وهي رهانه الدائم، ويسعى باستمرار الى تقديم نفسه على انه متابع دقيق لحزب الله، وقبلها لإيران في سوريا، وهي ايضا تابعة لهذا الحزب وتخصه.
يتقن نتنياهو كعادته لعبة الايحاء الدائم بأنه القوة المسيطرة من خلال الحديث عن حرب ستشنها اسرائيل على لبنان، وبأنه من سيبدأ بها. لكنه عليم بدقة ما سيحدث له ان هو فعلها وفي هذه الظروف بالذات، اذ لم يعد سرا ان صواريخ حزب الله مزروعة في اي مكان قد يتصوره نتنياهو وقادته .. وان عليه ان لا ينبهر كثيرا بمعلوماته التي سوف تظل متواضعة وغير مأمونة .. فهو يتعامل مع حزب يسهر على مدار الساعة ولا يغلق عينا عن اسرائيل في كل ما يخصها، وانه يملك من المعلومات الدقيقة عنها، اكثر بكثير مما تعرفه اسرائيل عنه، ولو انها تملك الكم الكافي من المعلومات عنه لبادرت إلى شن الحرب فورا، لكنها ما يشبه الأعمى الآن، ومن المفترض ان تظل كذلك بالنسبة للبنان.
منذ زمن، واسرائيل تتهم حزب الله بتصنيع الصواريخ، واليوم اراد نتنياهو ان يفبرك معلومات من المؤكد انه هو من لا يصدقها قبل غيره. وعليه، فيجب ان يقتنع بالتوازن العسكري بينه وبين الحزب، وانه امام ورطة قد يسقط بها ان هو فكر لحظة واحدة بشن حرب على لبنان، لا نغالي القول ان حزب الله ينتظرها بفارغ الصبر، نظرا للمفاجآت التي يمتلكها والتي من المؤكد ان الاسرائيلي يجهلها كمعلومات مؤثقة، وان كان يخمن او يضعها في حساباته من باب الفرضيات، كونه لا يملك ولن يملك القدرة على المعرفة الدقيقة او حتى مجرد المعرفة.
التهويل الاسرائيلي لا ينفع، علما ان بعض المصادر المستعجلة ترى ان المشهد التمثيلي الذي فعله نتنياهو في الامم المتحدة له ايحاء واحد وهو اقتراب الحرب اكثر من اي وقت مضى.