[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
تغيرت السياسة السورية، حتما ستتغير .. وقليل هو كلام التغيير الذي قاله وزير الخارجية السورية وليد المعلم " سنعادي من يعادينا".. كان الرئيس عبد الناصر يكرر " سنسالم من يسالمنا ونعادي من يعادينا " .. كأنما الظروف تتكرر .. في حقيقة الأمر هي مثال التكرار في واقع عربي مأزوم حتى لو ظهرت عليه نعمة الانفكاك من التأزم.
لم يعد هذا العالم، وكان دائما كذلك، يفهم غير لغة القوة .. لايمكن ان يضربني على خدي الأيسر لادير له الخد الايمن واسكت .. يجب ان يقابل الضربة ضربات، والتهديد تهديدا مضاعفا .. من يرد صناعة التاريخ عليه أن يلجأ فقط الى القوة .. في أولى مباديء الثورة البولشفية إنشاء جيش قوي، وفي فلسفة الثورة المصرية إنشاء جيش قوي ايضا، وبداية اسرائيل كانت جيشا ركب عليه كيان .. ولكي تظل اميركا على قوتها رفعت ميزانية دفاعها السنوية التي تفوق كل الميزانيات ..
كان الحاضر والمستقبل وكان كذلك في التاريخ .. بسطت روما امبراطوريتها كونها تسلحت بهذا المبدأ .. كبرت وتعاظمت، ويوم انهارت كان السوس قد نخر قواعدها العسكرية وكذلك الشخصانية في من كان يقود. تعتمد الدول على ان تكون، انه فعل الحياة في ابهى مظاهرها، ولكي تكون عليها ان تمتع حضورها بما هو الاقوى لديها.
مات الأسكندر الكبير في ريعان شبابه، لكنه حين أراد احتلال العالم وكان شابا صغيرا ، أنشأ جيشا عملاقا بز فيه كل من وقف في طريقه.
فالقوة هي الحرية، وهي كبرياء الأمم، وهي الصورة المثلى لأن تعيش بنعيم الظروف التي تفرزها تلك المنحة العظيمة للإنسان.
لنتصور سورية بلا قوة جيش وشعب وعقل قيادي، ماذا كانت ستفعل ؟ .. أسهل الكلام في الرد على هذا السؤال ان تنتهي وتنقرض وتتلاشى .. الحضارات الكبرى في التاريخ اما انهتها الحروب واما ضربات الطبيعة كالزلازل.
أعظم اختراع بدأته البشرية كان اكتشاف النار لأنه غير من حياة الانسان البدائي .. ومن خلالها تعددت وجوه القوة باعتبارها المصدر الذي بنيت عليه كل القوى. عالم الاختراعات الحديثة منكب على السيطرة أكثر، أي أنه دائم البحث عن مصار القوة الزائدة، وكأن عمالقة تلك الاختراعات يريدون ان يصلوا بالإنسان ليكون ايضا السوبر الذي تخيلته افلام، لكنه أمل في ان نصله يوما. وذات مرة كتبت احدى الصحف الغربية حول الخوف من المخترات التي يتم فيها محاولة توليد انسان القوة الأكبر، فان اي خطأ في اختبار من هذا النوع قد يوصل البشرية إلى بشري لايمكن السيطرة عليه.
منذ ان تكونت الحياة والمواجهة هي الديمومة .. الحروب مواجهات بكل اشكالها القديمة والحديثة، السلاح فيها هو الحاسم .. واليوم يضاف اليها العقيدة والايمان وهو سلاح فتاك ينبغي فهمه جيدا كي نتعرف على إرادة انسانية جديدة. ولكي نصل بهذا الانسان الى هذا المستوى الايماني والعقائدي، علينا ان نزرع في روحه قبل عقله معنى قوته الشخصية والمعنى الاكبر في موته.
ولهذا لابد ان تتغير السياسة السورية التي كان للقوة التي تمتلكها في الميدان أثره في تكوين كل كلمة تقال وموقف يصنع. وليس من قبيل الترف قول الوزير المعلم نعادي من يعادينا.