[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
أتذكر أني كنت في بداية عملي في تلك المجلة الللبنانية، حين هرع مدير التحرير ليكشف عن النبأ المفاجيء حول اندلاع حرب بين مصر وسورية واسرائيل. كان ذلك في السادس من اكتوبر 1973 .. بدا الخوف على وجوه الزملاء الصحفيين الذين أحاطوا بالمذياع وهم غير مصدقين.
كان الإعلام الإذاعي هادئا عكس ما كان عليه في حرب يونيو 1967 ، باستثناء الموسيقى العسكرية وبعض الاغنيات الوطنية. كنا نسمع ان الجيش المصري يعبر القناة، والجيش العربي السوري يتقدم في الجولان .. بقي القلق مسيطرا لأننا نعرف الكثير عن الجيش الاسرائيلي والقليل عن جيوشنا. وخلال الحديث كان نبأ من ليبيا يقول ان العقيد معمر القذافي يقول بانها حرب تحريك وليس تحرير.
ومع الايام صدقنا، فقد كنا نعرف ان الجيش المصري حول حياته العملية بعد هزيمة يونيو الى ورشة عمل على مدار الساعة بعدما قرر عبد الناصر تحرير الارض تحت شعار " مااخذ بالقوة لايسترد الا بالقوة " .. ومهد لذلك بحرب استنزاف اتعبت اسرائيل.
لولا النهاية السياسية لتلك الحرب، بل الفاجعية التي ثبت فيها صحة ماقاله القذافي عنها من انها حرب تحريك ادت الى قيام علاقات مصرية اسرائيلية، لكانت من اهم حروب العرب، ومع اثبات ان العرب ليسوا بأقل قدرة ومعرفة وتضحية من اي جيش في العالم، بل ليسوا اقل من اسرائيل وربما يميل ميزان الكفاءة لصالحهم.
أثبتت حرب اكتوبر بمفاجآتها، ان اعطاء الفرصة للعربي في اثبات قدرته القتالية، هي الأهم .. وتثبت الايام صحة النظرية وعمقها .. فهاهي دمشق التي تعرضت لاكبر مؤامرة عالمية تمكن فيه جيشها من اسقاطها .. ولسوف تبرز الايام والسنون الكثير من الاسرار والمعلومات التي ستفاجئنا جميعا بما فعله الجيش العربي السوري وما حققه ونوعية المعارك التي خاضها واعادة رسم هيكلية جديدة لنوعية قتاله تنسجم مع طبيعة المعارك التي خاضها المسلحون ضده.
كما ان العراق أثبت النظرية ذاتها، رغم ان جيشه لم يكن قد خرج بعد من المؤامرة التي استهدفته والتي ادت الى فرطه تماما .. ولولا العقل المتبادل في ضرورة انشاء جيش رديف واساسي مثل الحشد الشعبي، لما كان العراق قد انجز تحرير ارضه بالسرعة الكافية، رغم ان اوباما الذي ساهم في انشاء " داعش " وضع لحرب العراق على المسلحين ثلاثين سنة كي تحقق نتائجها.
اثبت العربي في حروب دفاعه عن شرعية دوله، انه ابن الامانة عندما توضع بين يديه. وثمة اعتقاد، بان لولا الاخطاء الجسيمة التي ارتكبت في الثورة الفلسطينية، لما تمكنت اسرائيل من تصفية وجودها وابعادها عن كل ارض محيطة بفلسطين، مما ادى الى تخبط قادتها وافلاسهم، ثم القبول بمد اليد لمصافحة الاسرائيلي والاعتراف به واجراء الاتفاقات معه.
اقول اعطوا العربي السقف الذي يحتاجه، وامنحوه العقيدة التي تقنع، ودربوه لما يحوله الى مدرسة متكاملة من القتال، فهو سيقدم عرضا استثنائيا يفوق كل تصور .. ودليلي في يدي بما حصل في سورية على يد الجيش العربي السوري، وكذلك في العراق، وكذلك في ساحة لبنان حين قاتل حزب الله بنفر قليل جدا جيشا اسرائيليا بكل عديده ومعداته الهائلة والمتقدمة.
كان لابد من حرب اكتوبر لإظهار من هو العربي ساعة الحقيقة، لكن لعن الله السياسة المختبئة في عقول مريضة بالوهم.