أصداف: أون سان سو تشي
تثير هذه القضية أسئلة عديدة حول المعارضة والسلطة، فهل كانت هذه السيدة طيلة معارضتها لنظام الحكم في بلادها تبغي الوصول إلى كرسي السلطة؟ مستخدمة الظلم والبطش بالناس وسيلة في تحقيق هدفها؟ أم أنها كانت تشعر حقيقة بحجم الظلم والحيف الذي يقع على الناس؟ وأنها سعت جاهدة وتحملت كل شيء في سبيل رفع الظلم وتقليل معاناة الناس، وهل كانت هذه السيدة تبحث عن سعادات للآخرين بعيدا عن المتسلطين، لكن لفئة معينة من الناس في بلادها دون أن تشعر بمعاناة الآخرين؟ وهل كانت تعيش ازدواجية خطيرة تتمثل في تخليص مجموعة من أبناء بلدها من ظلم الحكام ومن ثم الوصول إلى السلطة لتمارس ذات الدور إن لم يكن أبشع وأقسى بحق الروهينجا؟
إذا كان ثمة إرث نضالي حفزها للسير في طريق تحرير الناس وتخليصهم من الظلم والطغيان والديكتاتورية، فإن ذلك يعود بالتأكيد لوالدها الذي أسس جيش ميانمار الحديثة، وكان له الدور الأبرز في التفاوض مع البريطانيين الذين كانوا يحتلون بلاده ومن ثم الحصول على استقلال ميانمار في العام 1947، وتم اغتياله من قبل منافسيه السياسيين، وهنا، نقف إزاء ثنائية الثائر الذي تمكن من تخليص بلاده من المحتل البريطاني، والضحية الذي دفع ثمن نضاله وكفاحه، كما عاشت طفولتها على وقع هذه الثنائية التي يفترض أنها تعطي دروسا نفسية واجتماعية عميقة للطفلة التي ثابرت وتعلمت ومن ثم وقفت ضد الظلم ودفعت ثمن موقفها من قبل السلطات، وقد حصلت على احترام المجتمع الدولي ومؤسساته الكبيرة من خلال تكريمها بجائزة نوبل للسلام وجوائز دولية أخرى.
لكن اليوم نقف إزاء شخصية مختلفة تماما، رئيسة بورما تقود حملة تطهير ضد أبناء بورما من أقلية الروهينجا، الذين يتعرضون لعملية إبادة واسعة، واستنادا إلى المنظمات الدولية وجمعيات حقوق الإنسان، فإن الجيش البورمي يمارس أبشع الجرائم بحق هؤلاء الذين يفرون بمئات الآلاف من بلادهم، ولم تتوقف تلك الممارسات التي توصف بأنها جرائم حرب، وأن ملاحقات دولية بدأت بحق قادة الجيش البورمي من مرتكبي هذه الجرائم البشعة.