[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedabdel.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]محمد عبد الصادق[/author]
” خطفت جائزة نوبل في الطب هذا العام الضوء من أقرانها لأنها تحمل أملا جديدة للبشرية بقرب اكتشاف علاج فعال لمرض السرطان, وتقاسم الجائزة الباحثان الأميركي جيمس أليسون الطبيب بأحد مراكز أبحاث السرطان التابعة لجامعة تكساس الأميركية واليابان توسكو هونيو من جامعة كيوتو اليابانية وسيتشاطران مبلغ المليون دولار قيمة الجائزة الرفيعة.”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يبدو أن القائمين على جائزة نوبل يأسوا من وجود قادة دول أو سياسيين يستحقون "نوبل للسلام"هذا العام, وانتهت اللجنة إلى اختيار الناشطة العراقية الأيزيدية نادية مراد ضحية الاغتصاب والاسترقاق الجنسي على يد تنظيم داعش والتي تحولت لناشطة أممية تدافع عن حقوق المرأة والطفل بعد أن اختارتها الأمم المتحدة سفيرة للنوايا الحسنة ـ للفوز بجائزة نوبل للسلام مناصفة مع دنيس مكويجي طبيب النساء والتوليد الكونغولي الذي قضى عقودا في علاج ومساعدة ضحايا العنف الأسري والاغتصاب في بلده الكونغو الديمقراطية التي مزقتها الحروب.
ويبدو أن الاختيار هذا العام تأثر بالحملة العالمية لمكافحة التحرش والاغتصاب التي اشتهرت في أميركا والغرب تحت عنوان " مي تو" والتي أطلقها المغردون على "تويتر" عقب فضيحة التحرش الجنسي التي تورط فيها المنتج الهوليوودي الشهير "هارفي واينتشتاين" والتي تدعو جميع النساء والفتيات لعدم السكوت على أي تجاوزات عنف أو تحرش أو اغتصاب يتعرضن له وتشجعهن على الإبلاغ عن مرتكبي هذه الأفعال مهما مضى من زمن على هذه الجرائم التي لا تسقط بالتقادم.
ولعل نجم الكرة العالمي رونالدو كان آخر ضحايا هذه الحملة, بعد أن اتهمته امرأة أميركية باغتصابها منذ عشر سنوات, رغم اعترافها بقبول تسوية مالية قدرها 375 ألف دولار مقابل السكوت عن الأمر الذي يصر رونالدو أنه كان بالتراضي .
خطفت جائزة نوبل في الطب هذا العام الضوء من أقرانها لأنها تحمل أملا جديدة للبشرية بقرب اكتشاف علاج فعال لمرض السرطان, وتقاسم الجائزة الباحثان الأميركي جيمس أليسون الطبيب بأحد مراكز أبحاث السرطان التابعة لجامعة تكساس الأميركية واليابان توسكو هونيو من جامعة كيوتو اليابانية وسيتشاطران مبلغ المليون دولار قيمة الجائزة الرفيعة.
واستحقا الجائزة لأبحاثهما في علاج السرطان, هذا المرض الخبيث الذي يعاني منه الملايين حول العالم, وجاء الإلهام من والدة الفائز الأميركي أليسون التي تركته يتيما في العاشرة من عمره بعد إصابتها بسرطان الغدد الليمفاوية, ومن صديق الياباني هونيو الذي توفى بسرطان المعدة, فكان هذا دافعا لهما للتوجه مبكرا لبحوث السرطان , حتى تكللت جهودهما بعد ربع قرن من العمل بالنجاح في توجيه طعنة نافذة لمرض السرطان يتوقع أن يعقبها المزيد من الضربات منهما ومن غيرهما في الشهور والسنوات القادمة.
وتوصل الباحثان لنتائج مبهرة في مجال العلاج المناعي للسرطان الذي من خلاله يمكن أن يشفى مريض السرطان تماما ويتفادى الآثار الجانبية للعلاجات الكيماوية.
وتتلخص الفكرة بأن في أجسامنا منظومة شديدة التعقيد تسمى بجهاز المناعة وهو بمثابة جهاز أمني فعال ومحترف تمتد أذرعه لكافة أنسجة الجسم ليتصدى على مدار الساعة لبلايين المحاولات لاختراق الجسم من قبل الفيروسات والبكتيريا وغيرها من الأجسام الضارة الغريبة ويراجع أولا بأول أنشطة ووظائف خلايا الجسم المختلفة ليتصدى للخلايا التي تظهر سلوكا خطرا مثل التكاثر الزائد عن الحد المطلوب أو أي اختلالات في الشكل والوظيفة ومن ثم تقوم الخلايا المناعية بالتخلص منها.
والسرطان هو تمرد بعض الخلايا على النظام الطبيعي وخروجها عن سيطرة جهاز المناعة فتتكاثر الخلايا بشكل مفرط وتبدأ في تدمير الأنسجة الملاصقة لها وزعزعة بنيتها وإفشال وظيفتها وقد تنتشر عبر الأوعية الليمفاوية أو الدموية لتصل لأجزاء حيوية بعيدة كالمخ والرئتين والعظام فتفسدها مستغلة ضعف المنظومة المناعية بالجسم .
والخلايا الليمفاوية أحد خلايا كرات الدم البيضاء وتعتبر بمثابة المايسترو الذي ينظم وينفذ رد الفعل المناعي ضد الأخطار التي تتعرض لها خلايا الإنسان وأشرسها الخلايا "تي" القاتلة , في الوضع الطبيعي يكون جهاز المناعة خاضعا لتوازنات دقيقة لتحفيزه أو تثبيطه والحد من نشاطه ومنعه من القيام بردود أفعال مبالغ فيها تسبب أضرارا تفوق الأضرار الخارجية وكذلك تحول دون تحول جهاز المناعة نفسه إلى خطر على الجسم ويهاجمه كما يحدث في أمراض المناعة الذاتية.
ويعتمد بحث أليسون الفائز بنوبل على إطلاق العنان لجهاز المناعة ليندفع لمواجهة السرطان بشكل شامل في مختلف أجزاء الجسم التي طالتها الخلايا السرطانية, بعد أن اكتشف العالم بعض البروتينات داخل خلايا "تي" التي تقوم بتثبيط عملية الهجوم المناعي الذي يفتك بخلية سليمة تظنها معادية وبالتالي تنقذ الخلية السليمة.
وبدأت أبحاث أليسون في مجال العلاج المناعي في عام 1994م, عندما استخدم جسما مضادا للمادة التي تحول دون التصدي للخلايا القاتلة, واستخدم الجسم المضاد على فئران تجارب مصابة بالسرطان حيث شفيت بشكل كامل وجرت محاولات تجريبية على بعض المتطوعين من البشر, وجاءت النتائج مبشرة بشفاء حالات متأخرة مصابة بالميلانوما المتقدمة وهي أفتك سرطانات الجلد وأكثرها انتشارا.
وبدأ الفائز الياباني تاسوكو هونجو في أوائل التسعينيات أبحاثه في مجال العلاج المناعي, حيث اكتشف مادة مثبطة للخلايا السرطانية تشبه مكابح السيارة لكن بآلية مختلفة عن المادة التي اكتشفها أليسون, وفي عام 2012م ظهرت نتائج مبشرة لتقنية هونيو في علاج الحالات المتأخرة من السرطان المنتشر في الجسم عن طريق العلاج المناعي والتي يقتصر دور طب الأورام الحالي على دعم المريض معنويا وتخفيف آلامه وأعراضه السلبية.
رغم النتائج المبشرة لهذا النوع من العلاج, لا يزال هناك الكثير من الوقت قبل أن يتم تطبيق هذه العلاجات المناعية على نطاق واسع, فمازلنا في حاجة لمزيد من أبحاث السلامة والأمان لمنع الآثار الجانبية الخطيرة التي قد تحدث للجسم عند إطلاق جهاز المناعة بشراسة ضد السرطان بدون مكابح.