[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
” لقد راهن الصهاينة, وكما جاء على ألسنة زعمائهم ,، على تلاشي القضية الفلسطينية, "الكبار سيموتون والصغار سينسون" والتمني "بأن يبتلع البحر غزة"!. إلا أن الواقع أذهلهم, وهم يرون أجيال الشعب الفلسطيني, الواحد تلو الآخر يحملون الرواية ويحفظونها. فالأطفال في مواطن اللجوء يعرفون بالضبط من أين جاء الآباء والأجداد. ”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مع صدور هذه المقالة, من المفترض أن يكون رئيس حكومة الاحتلال الفاشي الصهيوني المتغوّل بنيامين نتنياهو قد وقّع على أمر, يقضي بتأجيل كشف مستندات في غاية السرية, عن فترة النكبة في عام 1948, وما قبلها وبعدها بقليل, لمدة 20 سنة أخرى. إذ كان من المفترض كشف هذه المستندات بعد مرور 50 عاما, ثم أجري تمديد لـ 20 سنة, بمعنى كان من المفترض كشفها في العام الجاري. إلا أن نتنياهو وبناء على توصية أجهزته الأمنية يريد تمديد السرية حتى العام 2038 . وحسب ما ورد في سائل الإعلام الصهيونية, فإن الحديث يجري عن وثائق في عهدة دوائر المخابرات المختلفة. وحسب الادعاءات الصهيونية أيضا, فإن بعض هذه الوثائق تم تسلمها من دول في العالم, كان شرطها أن تبقى قيد السرية. في حين أن كشف وثائق جديدة, من الممكن أن يكشف عن مصادر معلومات, تقضي المصلحة الصهيونية بقاءها في هذه المرحلة قيد السرية. بمعنى تأجيل 40 عاما عن الموعد الأول المقرر. وكما يبدو أن ما نعرفه حتى الآن, عن إرهاب العصابات الصهيونية السوبر نازية في تلك السنين, ليس كاملا, ولدى دولة الكيان الزائلة حتما والعابرة في التاريخ كذكرى قميئة ولعنة إنسانية, ما هو أخطر مما نعرفه حتى الآن. وقالت صحيفة "هآرتس", إن من أبرز الوثائق التي لن يتم الكشف عنها,هي مجزرة دير ياسين, التي ارتكبت على يد العصابة الصهيونية الإرهابية "الإيتسيل" بزعامة الإرهابي البائد مناحيم بيجين, الذي ترأس حكومة كيانه في العام 1977, ولست سنوات. وكما يبدو فإن التفاصيل التي كُتب عنها الكثير, ليست كاملة, وهناك ما هو أخطر.ارتُكبت مجزرة دير ياسين في منتصف شهر نيسان/ابريل عام 1948.وهي واحدة من أشد المجازر سفكا للدماء على أيدي السوبر نازيين الصهاينة, إذ تم إعدام المئات من الرجال والنساء والأطفال, بهدف بث الرعب في الفلسطينيين , وتشريد العديد من أهالي القرى في منطقة القدس.
وعلى سبيل المثال, قبل 20 عاما, كشف المؤرخ الإسرائيلي تيدي كاتس, عن أن مجزرة قرية الطنطورة( جنوب حيفا) حصدت أرواح 230 فلسطينيا من مختلف الأجيال, وأن من ارتكب المجزرة كان "الجيش الإسرائيلي", لأنها ارتكبت يوم 23 أيار/مايو 1948, أي بعد 9 أيام من إقامة دولة الكيان الإرهابي وتشكيل "الجيش" الذي رضع القتل والإرهاب وارتكاب المجازر.لقد اضطر كاتس تحت ضغوط محكمة القذف والتشهير, إلى سحب رسالة الماجستير, التي كانت المجزرة موضوعها. بمعنى أن الصهاينة, لم يمارسوا الإرهاب فقط, بل إنهم ما زالوا يمارسون إرهاب الدولة ويتبنونه أيضا, على شاكلة ونمط عصابات المافيا, ذلك, في السعي إلى إخفاء معالم الجريمة, ونفي التهمة عنهم. فهم يعتبرون أن 850 ألف فلسطيني غادروا الوطن بمحض إرادتهم, ولم يطردهم أحد. وينفون المجازر الواحدة تلو الأخرى, بما فيها مجزرة دير ياسين, التي هي واحدة من عشرات المجازر التي ارتبكتها الدولة الفاشية المسماة في عرف أميركا والدول الغربية بالدولة "الديموقراطية".
ذات العقلية تقف وراء مسعى الصهيونية وداعميها في العالم, لشطب تعريف اللاجئين, عن ملايين الشعب الفلسطيني في الوطن وفي العالم, من خلال المحاولة لإنهاء دور وكالة غوث اللاجئين "الأونروا" لتصفية حق العودة المشمول بقرار واضح وضوح الشمس من الأمم المتحدة, هذا الحق الذي لا يسقط بالتقادم بالطبع. بالإمكان القول أيضا, إن قانون "القومية" الصهيونية الاقتلاعي العنصري الفاشي, الذي أقره الكنيست في شهر تموز/يوليو الماضي, يندرج في ذات المسعى, حينما نصّ في بنده الأول,على تسمية فلسطين التاريخية, بأنها "أرض إسرائيل" المزعومة,كما أنها "الوطن التاريخي لليهود" في العالم وغيرها من الأضاليل والخرافات والأساطير الصهيونية, التي اخترعها الحاخامات للتأسيس لاغتصاب فلسطين فيما بعد. الصهاينة يعتمدون شعار"اكذب, ثم اكذب, ثم اكذب حتى تصدق نفسك, ويصدقك الآخرون".
لقد راهن الصهاينة, وكما جاء على ألسنة زعمائهم ,، على تلاشي القضية الفلسطينية, "الكبار سيموتون والصغار سينسون" والتمني "بأن يبتلع البحر غزة"!. إلا أن الواقع أذهلهم, وهم يرون أجيال الشعب الفلسطيني, الواحد تلو الآخر يحملون الرواية ويحفظونها. فالأطفال في مواطن اللجوء يعرفون بالضبط من أين جاء الآباء والأجداد. وفي داخل الوطن, تحرص الأجيال الشابة على معرفة الأسماء الحقيقية لكل مكان في أرجاء الوطن الفلسطيني الخالد خلود الدهر والتاريخ, فهذا نوع من الذاكرة المتوارثة, كجزء من التمسك بالانتماء والهوية الوطنية الفلسطينية والقومية العربية الكنعانية اليبوسية الأصيلة. قد يستمر الصهاينة في إخفاء ما هو أخطر, وقد لا يعرف جيلنا ولا الجيل التالي, ماذا يخفون عنا. ولكن يكفي ما لدينا من معرفة, حتى نستوعب حجم جرائم العصر, وأن الصهيونية بالتأكيد حركة استعمارية اقتلاعية عنصرية, لا يمكن لها إلا أن تكون عابرة, كما هو مصير كل الحركات المثيلة, التي عرفها العالم على مدى التاريخ. نتنياهو بإخفائه لوثائق جرائم الإبادة الجماعية لشعبنا, لن يغطي الشمس بغربال, فشعبنا الفلسطيني لن ينسى ولن يغفر وسيحاسب جلاديه ومن يحاولون إبادته.