[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
لا يمكن معرفة المخططات المستقبلية التي تدور في الذهنية الإسرائيلية بدون الوقوف عند المخططات القديمة التي تواترت وفق مراحل مدروسة بعناية ودقة كبيرتين، ولأننا نضع الخطط ـ في حال وجدت ـ مثل هذه الخطط بطريقة رد الفعل على أحداث منفردة، ولم يربط واضعو مثل هذه الخطط بين الخطوات المتأنية التي يعتمدها الإسرائيليون في تعاطيهم مع قضية فلسطين. ولأن الزراعة في منطقتنا الأساس في الحياة قبل دخول الصناعة المنطقة وحتى بعد ذلك، فإن الخطط الاسرائيلية تواصلت منذ أمد بعيد جدا، بالمقابل لا توجد خطط واضحة ودقيقة لمواجهة تلك التوجهات.
تعود جذور الزراعة الإسرائيلية إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، عندما ظهرت في أوائل الستينيات منه مؤلفات موزس هس Moses Hess (روما والقدس) 1862 و(مشروع استعمار الأراضي المقدسة) 1867، حيث يعرض المؤلف اليهودي والممهد المباشر للصهيونية الفكرية والسياسية بين الجاليات اليهودية في أوروبا،الذي رأى منذ ذلك الوقت، أن الحل الوحيد لمشاكلها وتناقضاتها لا يتم إلا بعملية استعمار مركزة للأراضي الفلسطينية، يسبقها إعداد نفسي وعسكري للمستعمرين (العائدين إلى أرض آبائهم) حتى يتمكنوا من الصمود في وجه البدو (الذين سيهاجمونهم حتما).كما قال.
اهتم الكتاب الصهاينة ومعهم الصحافة اليهودية المنتشرة في أوروبا بموضوع الزراعة في فلسطين، وكان الحديث عن الهجرة اليهودية من مختلف أرجاء العالم إلى الأراضي الفلسطينية، يقترن بالحديث عن الزراعة، وبطبيعة الحال يشمل ذلك مسألة المياه. وأن إثارة موضوع المياه طيلة تلك الفترة وحتى العقود اللاحقة، كان بمثابة الحديث عن عنصر مهم في الزراعة، التي يحتاج إليها اليهود لاستثمار الأراضي التي تساعد على جذب أعداد منهم للهجرة إلى فلسطين، وحتى الإشارات التي كانتترد في الطروحات الصهيونية بخصوص المياه لم تكن تعني في نظر الكثيرين سوى أن المياه أحد العناصر المهمة في الزراعة، ولا يمكن أن تكون أوسع وأشمل وأخطر من ذلك لتشمل أهم الموضوعات السياسية المحركة للصراع العربي ـ الإسرائيلي، كما أنها قد تكون المحرك لصراعات وحروب إقليمية أخرى، وذلك بسبب اهتمام اليهود ومنذ وقت مبكر بدراسة الأهمية المستقبلية للمياه، في ضوء التطورات المحتملة على صعيد التقدم التكنولوجي والتقني، إضافة إلىازدياد عدد السكان وما ينتج عنه من حاجة طبيعية للمياه، سواءً أكان ذلك على صعيد مياه الشرب أو المياه المطلوبة لسقي المساحات المزروعة التي تؤمن العناصر الغذائية الأساسية للبلدان، ولهذا نجد أنه (لدى تناول استراتيجيات إسرائيل المائية)، لابد من الانطلاق من وحدة تحليل أوسع تتمثل في وجود إسرائيل ذاتها وسياستها التوسعية الاستيطانية العدوانية (بالضرورة) التي قادت إلى نشأة المشكلة المحورية في الشرق الأوسط (الصراع العربي ـ الإسرائيلي) واستمرارها.هذا ما ذهب إليه غالبية الدارسين للصراع المذكور.
يقول (ليفي اشكول) أن إسرائيل العظمى لا يمكنها أن تقف مكتوفة اليدين وهي ترى مياه الليطاني تذهب هدرا في البحر.
وبعد قيام دولة الاحتلال الصهيوني أكد (بن جوريون) رئيس وزراء إسرائيل ـ حينذاك ـ في خطابه بمناسبة ذكرى قيام الدولة بتاريخ 14/ايار-مايو 1955 على أهمية المياه، ولوح باستخدام القوة في سبيل الحصول عليها، حيث قال (إن اليهود يخوضون مع العرب معركة المياه، وعلى نتائج هذه المعركة يتوقف كيان إسرائيل. وفي السادس والعشرين من سبتمبر ـ ايلول من العام نفسه أوضح (بن جوريون) مدى أهمية المياه في دعم وتنشيط حركة الاستيطان حيث قال: إن تحويل مياه الأردن يمكّن إسرائيل من إنشاء (250) مستعمرة على الحدود العربية.