شعر كل مواطن عماني يعيش على الأرض الطيبة بالارتياح والاطمئنان والسعادة والبهجة وتنفس الصعداء عندما أعلن ديوان البلاط السلطاني أن مولانا وقائد مسيرتنا المظفرة والأب الروحي للشعب الوفي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه وأطال في عمره وأبقاه ذخرا لنا جميعا ـ يتمتع بفضل الله وثنائه بصحة جيدة وأن الفحوصات الطبية التي أجراها في ألمانيا أظهرت خلو جلالته من الأمراض .. ونحمد الله على منِّه ونبتهل إليه أن يديم على جلالته الصحة وأن يمتعه بوافر العافية والعمر المديد.
لا شك أن القلق كاد يفتك بالشعب العماني وكان يتشوق لسماع أي خبر يطمئنه على صحة جلالته .. فحضرة صاحب الجلالة ـ حفظه الله ورعاه ـ لا يعد بالنسبة للشعب العماني مجرد مؤسس نهضتهم، بل يمثل لهم الرئة التي يتنفسون بها والعقل الذي يفكرون به والنبراس الذي يسيرون على هداه في حياتهم .. فهو الأمن والأمان والحصن الواقي من نوائب الزمن والقلب الكبير الحنون الذي يسع الدنيا وما فيها .. ولعل مسيرات الولاء والعرفان والاستبشار بصحة جلالته ـ أيده الله ـ التي قام بها المواطنون من مختلف ولايات ومحافظات السلطنة خير دليل على مدى ما يكنه الشعب الوفي من حب ومودة واحترام وتقدير لقائد نهضتنا الشامخة، كما أنها تعد تجديدا للوفاء والعهد بالاستمرار في السير خلف قيادته الحكيمة.
إن ما حققه سلطاننا المفدى لبلادنا يعد معجزة بكل المقاييس .. فقد استطاع بفكره المستنير وعزيمته القوية وسواعد الأوفياء أن ينشئ دولة عصرية حديثة بمعنى الكلمة ويحقق نهضة شملت كل شبر على الأرض الطيبة مع الحفاظ في ذات الوقت على الأصالة العمانية التقليدية حتى لا تفقد عمان هويتها المميزة وتظل شامخة وبارزة المعالم وليست رسما كما حدث لبعض الدول التي ذابت في دروب العولمة ولم يعد لها ملامح تميزها عن غيرها.
والمتتبع لمسيرة النهضة المظفرة يجد أنها شملت البشر والحجر وتحققت تنمية شاملة يعتبرها الكثيرون نموذجا يحتذى، واستطاعت أن تحتل السلطنة المركز الأول فيها وبشهادة العديد من المنظمات الدولية المعنية .. فقد بنيت خطط التنمية على اعتبار أن المواطن العماني هو هدفها وغايتها وليس وسيلتها فقط وأن بناء الأوطان يبدأ من بناء الإنسان .. لذلك أولت قيادتنا الحكيمة للمواطن العماني كل الرعاية والاهتمام على كافة المستويات الصحية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية ووفرت له البنية التحتية المتينة والمريحة التي تحقق له الرفاهية والرخاء والطمأنينة.
أما على الصعيد الخارجي فقد ضربت القيادة الحكيمة المثل في التواصل الحضاري والدعوة للسلام والتعاون البناء المثمر الذي يحقق مصالح الشعوب مع عدم التدخل في الشئون الداخلية لأية دولة واحترام سيادتها واستقلالها، فكل شعب من حقه أن يتخذ قراره بما يناسب أوضاعه ومستقبله .. كما أكد جلالته ـ أعزه الله ـ في أكثر من مناسبة على ضرورة التصدي للظلم والاستبداد، وشدد على إقامة العدل وترسيخ الأمن والسلام حول العالم وتحقيق التعايش السلمي والبعد عن التعصب الممقوت .. فحازت السلطنة على احترام الجميع ومحبتهم وتوطدت الصلات بينها وبين كافة الدول.
لا شك أن جميع العمانيين متشوقون لليوم الذي يعود فيه جلالة السلطان المفدى إلى البلاد سالما غانما ليكون الشمعة التي تضيء الوطن وتمنحه الدفء والأمان .. فوجوده وسط شعبه الوفي يعطي لحياتهم معنى ويملؤها بهجة.
إن ألسنتنا جميعا تلهج بالدعاء للمولى عز وجل أن يمد في عمره ويمتعه بموفور الصحة وتمام العافية، وأن ينعم عليه براحة البال ويحفظه في حله وترحاله .. ويظل الشعب الوفي يعيش في كنفه وتحت مظلته الوارفة وهم يشعرون بالاستقرار والسلام النفسي والطمأنينة .. إنه نعم المولى ونعم المجيب.

* * *
غارات أميركا على العراق .. احتلال من نوع جديد
التصريحات التي أدلى بها نائب الرئيس الأميركي جو بايدن مؤخرا تنم عما يضمره الأميركان تجاه القضية العراقية .. فالغارات التي تشنها بحجة القضاء على الإرهابيين تسعى من ورائها لتفتيت العراقيين وتوسيع هوة الانقسامات فيما بينهم .. حيث دعا بايدن إلى تقسيم بلاد الرافدين إلى ثلاث مناطق تتمتع كل منها بحكم ذاتي بحيث تخصص إحداها للشيعة وأخرى للسنة والثالثة للأكراد .. فمن وجهة نظره أن هذا التقسيم سوف يضيع الفرصة على تنظيم داعش الإرهابي الذي فرض سيطرته على مناطق عراقية حيث إن كل طائفة ستدافع عما يقع تحت حكمها فيسهل مقاومته.
الغريب أنه بعد هذا التقسيم دعا إلى وحدة البلاد .. ولا نعرف أية وحدة هذه التي يدعو إليها بعد أن فتت الشعب والأرض!!.. ألا يعلم بايدن أن التقسيم يزيد الصراعات ويضعف الدولة أكثر فلا يستطيع كل فريق أن يحارب الإرهابيين وحده لأن العود الغليظ أقوى من العود الضعيف .. وأن تجمعهم مع بعضهم البعض يقوي عضدهم ويجعلهم قادرين على مقاومة أي تحديات؟
نحن لا ننكر أن هناك انقسامات سياسية وطائفية تفتك بالشعب العراقي الشقيق ولكن الغزو الأميركي هو السبب الرئيسي في هذه الانقسامات والفوضى التي تعم البلاد .. فشعب بلاد الرافدين كان ينعم بالوحدة والتماسك قبل الغزو الأميركي لبلاده الذي ابتلاهم بالانقسامات والصراعات والتفتت .. لذلك فإن الحل من وجهة نظري أن تكف أميركا يديها عن العراق، وسيأتي اليوم ويلتف أهله مرة أخرى لإعلاء مصلحة البلاد العليا وإنقاذها من المخططات الخبيثة التي تحاك ضدها.
السؤال الذي يفرض نفسه: هل تستطيع أميركا فعلا أن تقضي على تنظيم الدولة الإسلامية بالغارات التي تشنها هنا وهناك؟
لا شك أن أميركا لن تستطيع القضاء على إرهابيي داعش وإلا لقضت من قبل على تنظيم القاعدة في أفغانستان أو غاراتها التي تشنها بطائرات بدون طيار في اليمن .. فهذه الغارات الجوية أثبتت فشلها إنما هي مسمار جحا الذي تتحجج به لكي يظل لها موطئ قدم في الدولة التي تريد التدخل فيها لا سيما وأنها أعلنت من قبل أن استراتيجيتها تلك تحتاج إلى وقت طويل أي أنها "طويلة المدى".
إن أوباما عندما أعلن برنامج ترشحه لمنصب الرئيس كان من ضمن وعوده وتعهداته إنهاء الحرب على العراق وخروج الجنود الأميركان منها .. ورغم أن الانسحاب كان جزئيا إلا أنه ظاهريا نفذ ما وعد به .. ولكنه ها هو يعود أدراجه مرة أخرى ويفرض عليه الأمر الواقع العودة غازيا بطائراته وجنوده مرة أخرى لتعود حليمة لعادتها القديمة ولكن بحجة جديدة وهي "حماية الأقليات من وقوع إبادة جماعية محتملة لهم" .. متناسية أن الاحتلال يظل احتلالا مهما كانت المبررات.
إن التنظيم الإرهابي كما هو يسيطر على مناطق واسعة في العراق فإنه كذلك يسيطر على مناطق في سوريا لاغيا كل الحدود وإذا استطاعت أميركا أن تشن ضرباتها الجوية على إرهابيي داعش في العراق فإن إرهابيي التنظيم في سوريا سوف يعوضون النقص لتبدو أميركا وكأنها تحفر في البحر.
نحن لا ندعي أن الحكومة العراقية الحالية قادرة على القضاء على التنظيم الإرهابي وحدها خاصة في ظل حالة الانقسام والتشرذم والصراع على مكاسب سياسية واقتصادية بين الطوائف المختلفة والذي بلا شك يزيد من تمكين داعش لمزيد من الأراضي والخيرات العراقية .. لذلك فإن الحل يكمن في الوحدة للتصدي للخطر المشترك الذي لا يفرق بين طائفة وأخرى فالجميع يتجرع مرارته ويقع تحت طائلته.

* * *
البدانة .. هدر للطاقات وامتصاص للثروات
في الوقت الذي تعاني فيه شعوب كثيرة من الجوع وسوء التغذية حذرت دراسة حديثة من مشكلات السمنة ليظهر التناقض الذي يعيش فيه عالمنا الحالي .. فالدراسة أشارت إلى أن أعلى معدلات للبدانة موجودة في أميركا والصين وبريطانيا وأي أية دولة حتى الآن لم تتمكن من القضاء عليها رغم ما تسببها من مشاكل صحية عديدة.
الطريف أن معدلات البدانة تزداد عند الرجال عن النساء في الدول المتقدمة، بينما تزداد عند النساء عن الرجال في الدول النامية نظرا لانشغالهن برعاية الأسرة التي لا تعطيهن الوقت الكافي للاهتمام بأوزانهن.
لا شك أن النمط الذي يعيش فيه إنسان العصر يساهم بشكل كبير في إصابته بالبدانة، فقلة الحركة وسهولة التنقل في السيارة التي يصطحبها كل منا في مشاويره البعيدة والقريبة على حد سواء إلى جانب الجلوس لفترات طويلة أمام الحاسب وفي العمل وتناول الأطعمة مرتفعة السعرات الحرارية بالإضافة إلى عدم ممارسة الرياضة ومزاولة أنشطة حركية شاركت في انتشار البدانة.
معروف أن السمنة تؤدي إلى الكثير من الأمراض المختلفة مثل ارتفاع ضغط الدم وزيادة نسبة الكوليسترول وانسداد الشرايين وغيرها.
الغريب أن هناك بعض الشعوب يعتبرون السمنة عنصرا من عناصر الجمال ويرون في المرأة الممتلئة مثالا للكمال الذاتي إضافة إلى كونها تمثل دليلا على ثراء أسرتها ويعيرون المرأة النحيلة بأن أهلها عجزوا عن إطعامها وعلى هذا الأساس تضطر نساء تلك المجتمعات لتسمين بناتهن خوفا من العنوسة.
إن مخاطر السمنة تتجاوز صاحبها لتضر المجتمع بأسره يجب على المجتمع حلها ومحاربتها بشتى الوسائل ومختلف الطرق لما يترتب عليها من هدر للطاقات وامتصاص للثروات.

* * *
آخر كلام
ليس القوي من يكسب الحرب دائما وإنما الضعيف من يخسر السلام دائما.

ناصر اليحمدي