[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/kazemalmosawy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]كاظم الموسوي[/author]
الحدباء، سنجار وقره قوش، أسماء وألقاب مدن برزت بسرعة خلال الشهرين الأخيرين على واجهة الإعلام بكل اللغات. مدن على خريطة وطن مطلوب رأسه أو مغضوب منه. أو بالأحرى استعادت ذلك بعد الغزوة الأولى والاحتلال البغيض .. والسبب الرئيسي والأولي المعلن الآن هو هجوم عصابات ومجموعات ومنظمات متنوعة تحت اسم داعش عليها. غزو وهجوم واحتلال وسيطرة على هذه المنطقة القابعة في شمال العراق، شرق سوريا وجنوب تركيا، (9 ـــ 10/6/2014) امتدادا لما لها في الأرض السورية من مساحات ومدن مثلها اشتهرت وانتشرت وتداخلت فيها حقب التاريخ بما هو حاصل لها حاليا. أما داعش فهو مختصر/ الحروف الأولى من اسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، تطور بسرعة أيضا من مجموعات متناثرة ومتفرقة، أساسها القاعدة التي تزعمها ابن لادن في أفغانستان وتفرعت منها، حملت أسماء متعددة وصولا إلى اسم الدولة، في بلدين، العراق والشام في نيسان/ أبريل 2013،، ثم في هذه الأيام اختصر من جديد إلى الدولة الاسلامية، (دا)، بعد أن أعلن أبو محمد العدناني، الناطق باسم "داعش"، قيام "دولة الخلافة" في 29/6/2014، كما دعا أتباع التنظيم إلى الزحف على بغداد، (يقال إن اسمه الحقيقي هو طه صبحي فلاحه، من مواليد قرية بنش القريبة من حلب). وفتح باب المبايعة للخليفة الجديد. وأصبح الأمر اجباريا بعد خطاب متلفز بتقنية فنية كاملة في الجامع الكبير في مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، شمال العراق، وغرب إقليم كردستان. وتقول وسائل الإعلام إنه تعاون أو اشترك معه أكثر من عشر مجموعات مسلحة بينها بقايا أحزاب علمانية، (كيف اقتنع بها أو كيف تعاونوا معه؟) ومنها مجموعات تعرّف نفسها بقوى مقاومة للاحتلال العسكري الأميركي للعراق (ما هي حجتها في التعاون مع دا؟!).
ظهر الخليفة الجديد من على منبر الجامع الكبير في الموصل الذي تميز بمنارته الحدباء (4/7/2014)، التي أصبحت من مسميات الموصل أيضا، مثل أم الربيعين، لقبها الأشهر. والتي تشير إلى دراية وقصد في كل ما حصل. من الغزو والصدمة والرعب الذي تسرب بالخليفة وأعوانه إلى الحدباء إلى الوقوف تحت المنارة الحدباء، بكل الخرافات والأساطير حولها وأسباب قيامها حدباء طيلة القرون الطويلة عليها. ولعل محاولة تقليد استمرار الهيمنة داخلها كاستمرار وقوفها في الجامع الكبير أمر خطير وكبير، ليس على سكان المدينة وحدها أو المنطقة حولها، بل الدول المحيطة بها والشعوب التي عاشت فيها طيلة تلك القرون والعصور. في الموصل ما زال أهالي المدينة يتعرضون لأبشع الأعمال الإجرامية من المجموعات المسلحة المهاجمة، فقد أمروا، وفقا للأمم المتحدة، بإخضاع جميع الفتيات والنساء في المدينة وحولها للختان، وتم تهجير 150 ألف عائلة تركمانية، ومصادرة ممتلكات 11 قرية أغلبية سكانها من الشبك واستولوا على جميع موجوداتها. ولم يقتصر إجرام "داعش" على القتل والاغتصاب والتهجير فحسب، بل تعددت الأشكال الإجرامية لتلك العصابات، لتشمل طمس الإرث الحضاري والتاريخي والديني للبلد، حيث أقدموا خلال يومين على تفجير جامع النبي يونس والنبي دانيال والإمام أبو العلي ومقام علي الأصغر ابن الحسن في نينوى، في حين هدموا مرقد الشيخ صالح، الذي يقع جنوب كركوك .. وهنا تطلب معرفة الأسرار وراء ما حصل والأسئلة عنها ومآلاتها وما تحمله للمستقبل وما نقلته خطبة الخليفة الجديد القادم بأردية الخلفاء وخطبهم ولكن بدبابات الغزو وأسلحة الاحتلال ومعدات الشركاء والداعمين، القدماء والجدد، حسب تطورات المشهد وسياسات اللاعبين فيه، سواء في الحدباء أو ما يليها من حوادث الدهر والزمان. وهي قصة أو حديث لم ينته إلا بعودة الحدباء لأم الربيعين وأهلها الفخورين بها، لا تجار السياسة ومرتزقة الطوائف وزعماء الغدر وورثة الخيانات المتتالية.
سنجار بعد الموصل (وتكتب وتقرأ بالكردية: شه‌نگار أو شنكال) وهي مدينة جبلية وعرة، تقع غرب محافظة نينوى، يعود تاريخها إلى الألف الثالث ق.م.. ولها مثل غيرها قصص وأحاديث خرافة وأساطير تاريخ .. فهناك من يعيد اسمها إلى الطوفان، حين اصطدمت سفينة نوح بالجبل عند مرورها قربه، فقال هذا سن جبل جار علينا، فسميت (سن ــ جار ــ (سنجار). وزنج تعني أسود نسبة إلى قمة الجبل وهذا تفسير آخر لمعنى الاسم، أما أصل التسمية الكردية شنكال فجاءت من تركيب كلمتين تعني الجهة الجميلة. كما ورد ذلك في سجلات تعريفها المنشورة عنها في شبكة الإنترنت.
وكانت وسائل الإعلام بمختلف اللغات تبث خبرا يقول: إن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" فرض سيطرته شبه الكاملة (3/8/2014) على صحراء غرب الموصل وشماله، والتي تشكل المثلث الحدودي العراقي ـ السوري ـ التركي الغني بالمياه والنفط، وذلك عندما استولى على بلدتين خاضعتين لسيطرة قوات البشمرجة الكردية جنوب قضاء سنجار قرب الحدود العراقية ـ السورية، ما دفع سكانهما الأيزيديين إلى الفرار نحو الجبال والهضاب. وفي هذه الأثناء أعلنت الأمم المتحدة أن استيلاء داعش على مدينة سنجار دفع حوالي 200 ألف شخص إلى الفرار، مشيرة إلى مخاوف كبيرة على سلامتهم ومحذرة من "مأساة إنسانية"! وأوضح بيان لها أن "الأمم المتحدة لديها مخاوف كبيرة على السلامة الجسدية لهؤلاء المدنيين المحاصرين من جانب مقاتلي الدولة الإسلامية"! في جبال سنجار.
فجرا هاجم مسلحو "داعش" هذه المناطق، واشتبكوا مع قوات البشمرجة الكردية التي تركت مواقعها، وانسحبت إلى خارجها. وقبل منتصف الظهر رفع مسلحو التنظيم راياتهم السوداء على المباني الحكومية فيها. وذكر شهود أن "داعش" سيطر أيضا على سد الموصل، أكبر سد في العراق بعد انسحاب القوات الكردية التي خسرت ثلاث بلدات وحقلي نفط أمام تقدم "داعش" قبل يومين، في أول انتصار كبير للتنظيم على القوات الكردية منذ دخوله الموصل في حزيران/ يونيو الماضي. كل يوم لداعش غزوة وفوز ومسلسل دمار وتهديد، وأسئلة أخرى عن خططه وقوته ونواياه. وكلها ليس لها علاقة بالدين ولا بالخلافة التي يدعي "داعش" إحياءها، بناءً على آراء العلماء والمراجع الدينية المعروفة.