تكسوها أشجار الغاف التي تشكل غابة طبيعية تتوسطها بيوت أبناء البادية
المضيبي ـ العمانية: تحظى السلطنة بالعديد من المواقع السياحية الفريدة ولاسيما الصحراوية، وتعد "الجزع" التابعة لنيابة سناو بولاية المضيبي بمحافظة شمال الشرقية واحدة من هذه المواقع، وهي منطقة تكثر بها التجمعات البدوية وتتميز برمالها الناعمة المرتفعة التي تكسوها أشجار الغاف لتشكل غابة طبيعية تتوسطها بيوت أبناء البادية المقامة من سعف النخيل .
والجزع تشد الزائر إليها لأول مرة، خاصة خلال الفترة المسائية التي تعطي فيها أشعة الشمس مناظر خلابة، فالحياة البدوية فيها تختلف عنها في الحواضر حيث تشكل الجزع منطقة استقرار لأبناء البادية، أما الحواضر فلا يقطنها البدو غالبا إلا في فصل الصيف، وتعد الجزع منطقة استقرار مهمة لأبناء البادية، وتوجد بها عشرات المساكن. كما أن سكانها لا يزالون متمسكين بالعادات والتقاليد المتوارثة والمتأصلة في أبناء البادية منذ القدم.
ومن أهم العادات البدوية التي لا تزال موجودة لدى أهالي الجزع الالتقاء في المجالس العامة في مختلف المناسبات، والاجتماع لمناقشة مختلف الأمور التي تهمهم .. كما يعتني الإنسان البدوي في الجزع بتربية الحيوانات ويوليها اهتماماً كبيراً نظراً للطبيعة الجغرافية التي تتميز بها المنطقة مما ساعد على تربية المئات من قطعان الماشية، إلى جانب ممارسة العديد من الحرف والصناعات التقليدية مثل الغزل والنسيج.
والحياة البدوية في الجزع لم تتغير كثيراً على الرغم من مرور الزمن وتوفر الخدمات بالمدن في العصر الحالي، وللسكن البدوي في الجزع قيم وأوصاف معروفة، فهو بيت مبني من السعف ويوجد بين الكثبان الرملية الناعمة.
وتعمل المرأة البدوية في الجزع على الاهتمام بالأسرة والأطفال، وكذلك رعاية الأغنام، فيما كانت قديما تمارس أعمال الغزل والنسيج، وهناك بعض النساء يمارسنها، وفي ما يتعلق بأعمال الطبخ فكانت قديما تتم بواسطة الخشب والطرق التقليدية، أما الآن فقد تطورت الحياة في البادية وأصبح البدوي يستعمل الوسائل الحديثة في الطبخ على الرغم من أن الوسائل التقليدية ـ كما يراها الكثيرون ـ كانت تجعل للطعام مذاقا أفضل.
وتجاور الجزع شمالاً الحشي وجنوبا مريرات وغرباً بريما وشرقاً الجديدة وهي عبارة عن تجمعات بدوية سكنية ذات مواقع استراتيجية وطبيعة خلابة كما تجاور الجزع تجمعات بدوية أخرى مثل: "بوزمين وأبو صليب ومنيزلة وخر القشوش وسيح كليوه".
وتتميز الجزع بهوائها العليل واعتدال الطقس فيها خلال فصل الصيف نظراً لوجود العديد من الأماكن الظليلة التي يمكن للسائح من خلالها أن يقضي يومه خاصة خلال فترة المساء حيث الهواء اللطيف والنسمات الباردة .. كما أن الكثبان الرملية الناعمة من أهم المواقع التي يلجأ إليها أبناء البادية والسياح وذلك لتواجد الأشجار الكثيفة في قمم هذه الكثبان مثل أشجار الغاف والسمر والراك حيث تلقي هذه الأشجار بظلالها الوارفة على الرمال الناعمة الصفراء .. كما يوجد الكثير من الطيور في هذه المنطقة مثل "القطا"، وتتجمع عند الأودية كوادي "عندام" الذي يمر غرباً من الجزع ويلتحم مع وادي حلفين جنوبا.
وفي الآونة الأخيرة وبسبب طبيعة الجزع الصحراوية استحدث الأهالي بها رياضة تعرف محلياً بـ"الرونات"، وهي صعود الكثبان الرملية بسيارات الدفع الرباعي كإحدى أهم الرياضات التي بدأت تدخل منطقة الجزع.
ويمارس أهالي الجزع العديد من الصناعات الحرفية كالصناعات النسيجية وكذلك يقوم عدد منهم بتربية الإبل والأغنام حيث يوجد بالجزع أكثر من (800) من الإبل وبها أعداد كثيرة من (العزب) التي تتم فيها تربية الهجن السريعة (السبوق) التي تشارك في مختلف السباقات بمختلف محافظات السلطنة.. كما توجد بعض الميادين الخاصة بالسباق.
وتتوفر في الجزع مشاريع تنموية ففي مجال التعليم توجد مدرسة للتعليم العام تضم عدداً كبيراً من أبناء البادية وفي مجال النقل توجد طرق معبدة تمتد لمسافة (55) كيلومترا.. كما حظيت "الجزع" ببناء (97) وحدة سكنية ومركز صحي.