[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
هذا الفضاء العربي الذي يتسع لكل اشكال التعبير نحن نكتبه .. لعلنا كتبنا ما يلزم في التوقيت المناسب. من كانوا قبلنا كتبوا زمنهم بعدما عاشوه بكل تفاصيله. رجال النكبة الفلسطينية مثلا من امثال اكرم زعيتر تركوا وراءهم يوميات فلسطينية، كان اكرم يكتب يوما بيوم، لا يمرر يوما دون ان يضيفه إلى ارشيفه، ومع هذا لم ار من يعود إليه، ام ان المؤتمنين على هذه اليوميات لا يريدون ابرازها.
هم كتبوا، ونحن نكتب، والآتون إلى دنيا الكتابة سيكتبون زمنهم. فماذا كانت النتيجة من كل ما كتب، من التواريخ التي نقرأ، وماذا استنتجنا من كل هذا الكم؟
الدول الحريصة على حاضرها تهتم كثيرا بماضيها، وتلك التي يهمها مستقبلها تشتغل على الحاضر والماضي معا. كان احد الشعراء يقول بأني اكتب لأطفال لم يأتوا بعد، ولتاريخ لم نره بعد، ولعالم لم يحن بعد .. انه الاثبات على اننا مهما فعلنا فنحن نهدي كتابتنا للقادمين الى هذا العالم، لعلهم يقرأوننا كي يعرفوا ماذا كان وماذا عليهم ان يفعلوا لكي لا يكرروا ما كنا عليه.
ما كتب مثلا في القضية الفلسطينية كثير، لا يمكن احصاء هذا الكم على اختلافه .. لم تستطع تلك الكتابات سوى ان تشكل صرخة في وادي نسيان القضية، ما فعله الشعب الفلسطيني من أمل ذات تاريخ، يسجل له .. ارشيفه نابض بالحيوية .. يوم كان سلاحه في يده اختصر كل كتابة ممكنة، وخرج من الصمت الى الاعلان، فكانت له المكانة .. لولا هذا السلاح لما خاطب ياسر عرفات العالم من على منصة الامم المتحدة ولم يكن يومها سوى في اول سلم مقاومته.
نحن كتبنا كل هذا التاريخ، لم ننس ان نقول الحقائق، وبعضنا كان يكتب بالسكين من شدة الألم الذي عايشه وهو يرى تراجعا اثر تراجع. اصعب مهمات الكاتب هي تلك التي يرى فيها حقيقة الواقع، لكن ليس هنالك من يريد ان يسمع او يرى، لا بل قد يتم تأنيبه على كتابته، واحيانا يمنع من مزاولة الكتابة او اي نشاط اعلامي، هذا اذا لم يتم سجنه او تصفيته .. في السجون مئات من الكتاب، ومن مات منهم في الماضي الى الحاضر كثير ايضا.
يريدوننا ان نكتب كما يريدون، اصحاب الشأن يخافون الحقيقة ايضا، هو عصر الرقابة التي تزين نفسها بالحديث عن الديمقراطية التي هي اسوأ الحلول الجيدة كما يقول تشرشل .. وللحقيقة فهي عالم يمر بين خطوط ، لا تسمح الدول ابدا ان تصل الى الخط الأحمر .
نحن ومن قبلنا كتبنا تاريخا يمكن العودة الينا لمن يريد فتح باب البحث عن مرحلتنا وعن واقعنا وعن سياستنا واقتصادنا وحتى حياتنا الاجتماعية ويمكن ايضا عن اوضاعنا الصحية وغيره .. وغدا لا بد ان يأتي من يكتبنا، لقد كنا مادة دسمة في واقع عربي لا يمكن وصفه الا بأنه كان مادة ثرية في احداثها صعبة اللحاق بها احيانا من هول مشاهدها.
قال الشاعر المصري صلاح جاهين بصوت ام كلثوم " تعالوا يااجيال يارمز الأمل / من بعد جيلنا واحملوا ماحمل / وافتكروا فينا واذكرونا بخير / مع كل غنوة من اغاني العمل " .