[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
توفي صديقنا الصحافي المصري حمدي قنديل وعلى شفتيه اسم فلسطين .. الحسرة فعل إيجابي كون المحرض متوفرا بقوة. معظمنا سوف يموت متحسرا على فلسطين إذا لم تحصل معجزة نحررها.
كان أحد القادة الفلسطينيين يخاف أن يموت قبل تحريرها .. توفي عبدالناصر وهو يلهث باسمها بعدما خفت صوت الرصاص ضدها. ويوم خرج المقاتلون الفلسطينيون من بيروت إثر اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982، كان البكاء ليس على ما مضى أو على المفارقة بل على ما سيأتي، وكان معلوما أنهم ذاهبون إلى المجهول، إلى بلاد تبعد عن فلسطين آلاف الكيلومترات .. لكن المؤكد، أن لفلسطين جاذبية لا مفر منها، لو سكن المرء في كوكب المشتري فلسوف يجذب إليها.
بات العالم صغيرا على بعض القوى الكبرى، لو استعمل جزء من في حوزة أميركا أو روسيا من القنابل النووية لتم تدمير الأرض بكاملها وأدى إلى فناء الإنسان. ما تملكه إسرائيل وحدها كفيل بفعل هذا الأمر. فلأي سبب خرج ترامب من المعاهدة النووية مع الروس؟! .. كان الصديق المفكر العثماني عزمي مورهلي يكرر أن اختراع وصناعة أي شيء هو من أجل استعماله، وحتى لو تأخر هذا الاستعمال لكنه سوف يأتي، كان أكثر تعليقاته على هذا النوع من السلاح النووي. لعل أكثر من كتب بعد الهزيمة العربية الكبرى عام 1967 على التوازن النووي بين أميركا والاتحاد السوفياتي آنذاك هو الصحافي المصري الراحل محمد حسنين هيكل، وكل ذلك من باب صعوبة حصول مثل هذه الحرب وبهذا السلاح الكارثي .. وكان يقول دائما أن ليس هنالك من يهاجم أولا، لأن الثاني كامن له في البحر عبر الغواصات النووية.
ونعود إلى فلسطين، إلى الشاعر محمود درويش وبيت من شعره يقول "في اليوم أكبر عاما/ فعانقوني عناق الريح للنار". هل رأيتم أحدا يكبر في اليوم عاما إلا في الخيال الشعري، أو في محبة فلسطين. البعد عن الوطن مشكلة، فكيف إذا كان المرء مقتلعا من وطنه وليس فقط وطنه محتلا. معظم الذين كتبوا عن فلسطين، ليسوا فلسطينيين فقط، إنهم من كل الأرض .. وبالمناسبة فإن اسم فلسطين هو الأكثر استعمالا عبر الواحد والسبعين عاما التي هي عمر النكبة.
عندما أسست مكتبتي في بيروت كانت الكتب الأولى فيها عن فلسطين، ملأت الرف الأول وأنا سعيد في أني أدخلت أبرز ما يهمنى إلى غرفتي الصغيرة .. بعضهم كما فعل الشاعر السوري سليمان العيسى أحرق مكتبته بكل ما تحتويه يوم هزيمة 1967 تعبيرا عن سقوط كل أحلامه وعدم فائدة قراءة أي شيء وعن أي شيء، لكنه بعد ذلك عاد وبنى مكتبة جديدة، لا شك أنه بدأها بكتب فلسطين.
رغم الآلام التي مرت وتمر بها سوريا، ما زالت فلسطين هي البوصلة .. اسمعوا الإعلام السوري ستجدون هذا الكلام موثقا في كل توجه إعلامي. هذا التبني هو من أصل سوريا التي فلسطين جنوبها وليس حدودها الجنوبية كما يقال في تحديدات الجغرافيا .. البلد العربي الأول الذي منح الفلسطينيين مراكز للتدريب والإقامة كانت سوريا، وهو البلد الذي رعى واحتضن .. لأسباب عديدة، في طليعتها فلسطين كانت السبب وراء المؤامرة الكبرى على سوريا وبتوقيع عشرات الدول العظمى وغير العظمى.