[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/nawafabohyga.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]نواف أبو الهيجاء[/author]
مجرد إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف العدوان على قطاع غزة ـ وعلى هذا النحو وبعد 51 يوما من الحرب ـ يعني أن ثمة من انتصرت إرادته. ولما لم يسمح الاتفاق للعدو الصهيوني بتحقيق أي من أهدافه المعلنة وفي مقدمها تجريد المقاومة من السلاح فإن الطرف المنتصر هو بلا أدنى شك هو الطرف الفلسطيني.
انتصرت غزة بعد أن قدمت آلاف الضحايا والشهداء والجرحى والمعوقين من النساء والأطفال والشيوخ، وبعد أن دمرت الآلة العدوانية آلافا من الدور والمجمعات السكنية، وشردت عشرات الآلاف من السكان المدنيين في القطاع.
آلة التدمير والقتل استسهلت التصرف القمعي والدموي والتدميري في مساحة ضيقة محددة بثلاثمئة وخمسة وستين كيلومترا مربعا .. خاصة أن ميزان القوى كان يميل إلى صالح العدو بما يمتلكه من أسلحة متطورة وحديثة جدا هي الأقوى في تاريخ الصناعات الحربية. فشل العدو في الاقتحام وخسر خيرة قواته وضباطه. وتراجع عن الاحتلال واكتفى بالقتل والتدمير من بعيد بالطيران بالدرجة الأولى. لكن العدو واجه للمرة الأولى قدرات صاروخية غطت مساحة فلسطين المحتلة، وهزت الثقة بالقدرات العسكرية (للجيش الذي كان لا يقهر) وتخلخل الاقتصاد والنفسية الصهيونية في وقت واحد، وتوقفت الحياة بعامة في فلسطين المحتلة على مدى الواحد وخمسين يوما. وسكان المغتصبات المحاددة لغزة تشردوا أيضا وطالبوا بالحماية من صواريخ المقاومة دون جدوى.
واضح أن العدو استغل الزمن لعله يضعف الإرادة الفلسطينية، ويخفف من طلبات واشتراطات المقاومة لقاء وقف القتال، ولكنه اكتشف أن الجبهة الداخلية تهتز وتتخلخل في الزمن أيضا.
وإذا لم يجد العدو بدا من قبول صياغة اتفاق يسمح له أيضا بالمناورة وبالتراجع في الوقت الذي يراه مناسبا، ولكنه انحنى أمام حقيقة استمرار السلاح الفلسطيني المقاوم باليد المقاومة. ووقع على وقف القتل والتدمير والاجتياح وانحنى أمام مطلب إنهاء الحصار ـ ولو أنه لم يكن في الاتفاق ما يشير بالاسم إلى معبر رفح ـ لكن الاتفاق ينص على فتح المعابر وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع. وترك الاتفاق مجالا للمفاوضات بشأن القضايا الأخرى (الميناء والمطار والأسرى ومعبر رفح). مع أن معبر رفح قضية فلسطينية ـ مصرية. ويمكن حلها من خلال عودة مركزية القرار الفلسطيني. وهي عودة تخفي أيضا شيئا من المخاوف ما دامت السلطة الفلسطينية مقيدة بشروط أوسلو، وتحديدا التعاون الأمني المشترك بين السلطة والاحتلال.
الحقيقة الساطعة أن غزة انتصرت بوحدة شعبها وبوحدة مقاتليه. لم تفلح الضربات ولا المدة الزمنية في خلخلة نسيج المجتمع في القطاع. لم يخرج من يطالب بوقف القتال بأي ثمن. هنا مكمن النصر: ثبات الإرادة وعدم التنازل عن حق الفلسطيني في المقاومة المسلحة كما باحتفاظه بسلاحه.
انتصرت فلسطين وكشفت هشاشة الكيان الصهيوني: هذا هو العنوان الصحيح لما حدث.