[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/kazemalmosawy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]كاظم الموسوي[/author]
إننا أبناء حضارة عظيمة وأمة عربية تفخر بتاريخها ودورها في التاريخ العالمي والعلاقات الإنسانية وتعزيز روح التعاون والتضامن والتآخي والعدل والإنصاف وضد التعصب والغلو والتطرف والإرهاب بأي شكل أو أسلوب أو لون أو طريقة. ولهذا عمل المستعمرون على تفتيت وطننا الكبير وتمزيق وحدة شعبنا العربي وصناعة الأزمات والحروب والصراعات بيننا وبين من زرعوهم قاعدة استراتيجية للعدوان والحروب والاستيطان.


لا يمكن أن تنهض أمة من دون مواجهة التحديات التي تعترض طرقها وتعرقل تقدمها، ومقاومتها دون كلل أو تردد. وأمام شعوبنا وأمتنا العربية الكثير من التحديات والمواجهات. واستمرار وجودها يقوم في الانتصار على التحديات والوقوف دائما بعزم وصبر وعز وروح شباب متطلع نحو الأمام دون تراجع مهما صعبت الظروف وتعقدت المشاكل وتكثفت الأزمات.
من أبرز التحديات التي يخطط أعداء الأمة والمتربصون لها ويسعون إلى تكريسها بالتركيز على تفتيت الهوية العروبية الجامعة والموحدة للآمال والأعمال وبناء الحاضر والمستقبل. هويتنا الحضارية العربية الإسلامية جمعتنا ولمّت شملنا وشدّت حزمتنا في البقاء والتصدي لعاديات ومخططات الأعداء. اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافية عوامل ودليل اجتماعنا والحفاظ عليها خير سبيل للتحدي وأيسر الطرق لإفشال مشاريع أعدائنا أو من يلبس ثوبهم من داخلنا. ولأن العدو ومتخادميه يبذلون جهدهم وحملاتهم وملياراتهم من الدولارات والريالات والدراهم والدنانير لتخريب اللغة العربية، عبر كل إمكاناتهم ووسائلهم المرئية والمسموعة والمقروءة وغيرها ولنشر لهجات والسن مفرقة ومبتعدة عن تطلعات كل أمة وشعب في ثقافته وفعاليته ودوره في البناء الإنساني والمشاركة الحضارية، لذا يكون الحفاظ عليها وإتقانها وممارستها متطلبا أساسيا ومحفزا رئيسا لقوتنا وشجاعتنا وصمودنا، وسلاحا رادعا لما يقوم به أعداؤنا ليل نهار على تهشيم هذا السلاح وتهميشه وإضعافه وعزله وإنهاكه. وفي التصدي لهذا التحدي بكل تفرعاته ومساحاته واستهدافاته يكمن خيار الأمة وإرادتها وصمودها تاريخيا وراهنا وبالتأكيد مستقبلا، وهو أمر لا يمكن التهوين منه أو التهويل به، بل في مواجهته بروح كفاح وإصرار على الانتصار فيه.
والتحدي الآخر يتجلى بضرورة المواكبة للثورات العلمية والتقنية في مختلف صعدها ومشاربها والتعلم منها والانشداد إلى تطوراتها وتجلياتها والتسابق معها وفيها لخدمة التقدم والتجدد والتحديث بلغتنا وثقافتنا وعزيمتنا وخياراتنا. ما حصل في هذه المجالات من تطورات سريعة وتقدم مبهر حمل ما ينفع ويسهم في الأهداف المنشودة والمطلوبة، وقد يستخدم في الضد منها أو يساعد في التقويض لها، ولذا يكون الانتباه الواعي والجد الحريص في الفعل والقدرة عليه مهم ورئيس في الصراع الدائر والنزاع القائم بيننا وبين أهداف الأعداء المحاربين لنهضتنا وحقنا في التقدم والتطور والتجدد. إن استيعاب التطورات والتمكن منها في الاستخدام الموضوعي يقدم للأمة مفاتيح النجاح والتقدم، وهو مطلوب ومحمود الآن، ودائما.
يكمن التحدي الآخر في فهمنا لطبيعة التعامل والاشتراك مع القوى الدولية المحتضنة لنظام الرأسمالية وتطور التقنية والعلوم والعاملة على الاستعمار والهيمنة والاستغلال لثرواتنا وخيراتنا وإعادة أو توظيف رسم خرائط وطننا وحماية الاستبداد والفساد في بلداننا ودعم إفلات المجرمين والمرتكبين من العقاب العادل والحكم المنصف والعبرة لهم ولغيرهم ممن لم يزل يراهن على العدو والتبعية أكثر من الاعتماد على الأخ والصديق الصدوق. إذ إن في هذه العلاقات تكمن قدراتنا على الثراء والتحديث والتجدد وتراكم الخبرات وتوفير الفرص والتنافس البناء مع الآخر الأجنبي والتكافؤ في صناعة التاريخ والعبور إلى المستقبل، والعمل على وقف تمنعه أو حجزه لنا من الاستفادة أو استخدام التطورات التقنية والعلوم بأي شكل من الأشكال.
إننا أبناء حضارة عظيمة وأمة عربية تفخر بتاريخها ودورها في التاريخ العالمي والعلاقات الإنسانية وتعزيز روح التعاون والتضامن والتآخي والعدل والإنصاف وضد التعصب والغلو والتطرف والإرهاب بأي شكل أو أسلوب أو لون أو طريقة. ولهذا عمل المستعمرون على تفتيت وطننا الكبير وتمزيق وحدة شعبنا العربي وصناعة الأزمات والحروب والصراعات بيننا وبين من زرعوهم قاعدة استراتيجية للعدوان والحروب والاستيطان. كما أن الأعداء لم يألوا جهدا في تكريس الفتنة والفرقة والابتعاد عن التجمع والتوحد والانطلاق نحو استثمار الثروات والخيرات والطاقات التي تنعمت بلادنا بها لمصالح الشعوب والأوطان. ولهذا يتطلب الانتباه الاستباقي والبحث عن أفضل السبل لتجاوز المحن والعمل على خدمة المصالح الوطنية والقومية وتحشيد المساعي الخيرة للنهوض والاشتراك الحضاري في شتى المجالات والمستويات.
لا شك أن صمود الأمم ونهضتها تعتمدان أساسا على إدارة منابع قوتها وحشد طاقاتها وتخطيط جهودها في التعليم والتنمية الوطنية وتكريس الوحدة الوطنية والقومية، وتعزيز فعالية التحرر ورفض الذل والهوان والخضوع أمام أي عدو غاصب أو محتل بغيض والكفاح من أجل مشاركتها الفعالة في الحكم والتمثيل الحقيقي لها، والدفاع عن الحقوق والخيارات والإرادات الشعبية ومحاسبة الفساد والتقصير وفضح انتهاك حقوق الإنسان وارتكاب الجرائم والعدوان، فضلا عن مكافحة التفاوت الطبقي والاجتماعي والفقر والحرمان، والدفع في استدامة التنمية والازدهار.
ويتطلب في التحدي أيضا التأكيد على أن الانتصارات التي تحققت لشعوبنا تظل مشاعل تنوير ودروس تحرر وبناء راهن جديد ومستقبل سعيد. وهي بالأساس استندت إلى الوعي بالمخاطر والخسائر ودروس الهزائم والنكسات وإدراك المخططات العدوانية، وإعداد ما استطاعت عليه قوى الخير والتغيير في الأمة، والانتباه إلى المعوقات والصعوبات والعمل المتواصل من أجل التحرر والنهوض والتقدم والثبات.
تتحمل الثقافة العربية في هذه الظروف المركبة مسؤولية كبيرة في الكشف عن سبل المواجهة والتصدي، وكذلك في إضاءة الفضاءات وتنوير أبناء الأمة بما يخدم المصالح القومية والوطنية وتمتين قوة الوعي والرشاد للدفاع عن الحقوق العربية والمساهمة في البناء والعمران من خلال الصعود بالمواقف والتوجهات التي تصب في عملية التغيير والتجديد والتطوير. ولكل أمة في مثل هذه التحديات رموز تعبر عنها، وتبرز في المنعطفات الحاسمة وتفعل دورها في المتغيرات وتسهم في نقل المواجهة والمقاومة إلى مراحلها المطلوبة والمنشودة.
صعوبة التحديات وتنوعها يجدد طاقات الأمة ويوحد الشعوب في خياراتها من أجل حاضرها ومستقبلها، كما تزيد الحاجة إلى التضامن الفعال والتكافل الاجتماعي والالتزام الوطني والانتماء القومي. ومن التجربة العملية ودروس التاريخ تقوي التحديات والإيمان بالانتصارات الصلات والروابط وتبني الثقة والقدرات وتحمي الشعب والوطن وتعزز ثقافة المقاومة والنصر على الأعداء كطريق أو منهج مجرب لتخطيط سبل النهوض والعمران والتقدم واحترام حقوق الإنسان وكرامته وسعادته وإعلاء قيمته كأثمن رأسمال في هذه الدنيا.