[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
يزداد تسليط الأضواء على قضية المياه وتحديدا السيناريوهات المستقبلية المرتبطة باحتمال اشتعال الحروب في المنطقة، وفي الوقت نفسه ثمة شبه تعتيم على المياه الجوفية التي تسرقها إسرائيل منذ فترة طويلة، ربما لأنها بعيدة عن الأنظار لكنها في نهاية المطاف سرقة كبيرة ومتواصلة لثروة المياه.
أكد هذه الحقيقة العالم العربي الدكتور فاروق الباز بقوله: إن إسرائيل تسرق المياه الجوفية العربية، كما تفعل بمياه الأنهار من حوض اسمه (الحماد) وهو حوض تشترك فيه السعودية والأردن وسوريا وفلسطين.
وكشف د. الباز أن إسرائيل تسحب من حوض (الحماد) كميات كبيرة لا يسحب منها الوطن العربي شيئا، لأن كل الكلام عن مصادر المياه، هو كلام عن الأنهار فقط كالفرات ودجلة والنيل والليطاني، والكل يتحدث عن المياه السطحية، وينسى المياه الجوفية التي قد تكون أهم، لأنها وعلى المدى الطويل، وخصوصا في الأماكن المطيرة تتجدد وتزيد مما يجعلها ذات أهمية قصوى مستقبلا.
يثار موضوع (المياه الجوفية) في الوقت الذي تسيطر مسألة المياه على حيز واسع من تفكير أصحاب القرار السياسي في المنطقة، إضافة إلى اهتمام الباحثين والدارسين بهذا الموضوع، وتتسع دائرة الاهتمام بالمياه، سواء كان ذلك على صعيد المنطقة أو العالم، وأشارت دراسة نشرتها مجلة (ساينس) الأميركية في عددها الصادر بداية عام 1996إلى أنه على العكس من الثروات المهمة الأخرى مثل النفط والنحاس والقمح فإن المياه العذبة ليس لها بدائل. وأوضح معدو الدراسة إلى أنه يفتقر تحديد حجم المياه العذبة على الأرض إلى الدقة الكافية بسبب اختلاف وسائل القياس.
وتحذر هذه الدراسة من أن المياه العذبة قد لا تكون كافية بعد ثلاثين عاما من تاريخ نشرها عام 1996.
ولا شك أن المياه الجوفية في المنطقة تتأثر وتقل كلما سحبت منها بعض الكميات، ولكن كما يقول العالم فاروق الباز ـ يمكننا الحفاظ عليها عن طريق حفر الآبار على مستويات مختلفة، كما يمكن الحفاظ عليها بإخضاعها للدراسة الصحية، مشيرا إلى أن معرفتنا العلمية بالمياه الجوفية ما زالت حتى الآن رديئة ولا تؤهل لإطلاق أحكام قاطعة بشأنها.
ويعتبر خبراء برنامج العمل في منطقة المتوسط أن الضغوط على مصادر المياه ستستمر بالارتفاع، ويرون أن الوضع يتجه نحو أزمات مياه كبرى عندما يصل نصــف سكان حوض المتوسط (426) مليون نسمة في المناطق الداخلية و(136) مليون نسمة على السواحل إلى عتبة النقص في المياه عام 2025.
ويحذر الكاتب ـ ايف ليرز ـ في مقال نشره في نوفمبر عام 1996 من أن هدر المياه يشكل تحديا أمام دول المتوسط خلال القرن الحادي والعشرين، وسيصل في بعض الحالات إلى طريق مسدود إذا لم يتم التخلي بسرعة عن السياسات المتبعة، خصوصــا عند توسيع عمليات الري بعيدا عن أي منهج، ويستهلك الري وحده (80%) من المياه الموزعة، لكن نسبة التبخر كبيرة إلى درجة أن (20%) فقط من هذه المياه تصل إلى الزراعة.
وعندما تتحول إدارة مصادر المياه النادرة إلى إدارة النقص فإن ذلك سيؤدي إلى توترات بين المستخدمين والمناطق والدول والمؤيدين لاستخدام المياه على المدى الطويل والمدى القصير، ويمكن إزالة هذه التوترات عبر النقاشات الجادة والمؤتمرات العلمية والحوار المفتوح.
أما ما يحصل بالنسبة للمنطقة العربية، فإن الحديث يزداد عن مشاكل المياه والأخطار التي تحملها، دون التوصل إلى حلول حقيقية لتلك المشاكل، وقد يكون التحذير الذي أطلقه الدكتور فاروق الباز من أهم النقاط التي تستوجب البحث، إذ إن مشكلتنا الحقيقية مع قضية المياه، وخصوصا المشاريع المائية الإسرائيلية والمخططات الصهيونية.