في ختام رحلتنا الشعرية التي دامت لأكثر من ثلاثة أيام بمحافظة الوسطى، نشرنا خمس حلقات تختص بشعراء المحافظة، تعرّفنا خلالها على أصالة الشعراء وفرادة موهبتهم. وقد وصلنا إلى المشهد الأخير في هذه الرحلة الحافلة بالإبداع. سننشر في حلقتنا الأخيرة شيئا من فن التغرود للشاعر الراحل مسلم الجنيبي، وربما أنه يوثّق لأول مرة، وكذلك سننشر قصائد تخص الشاعرة العمانية في الوسطى، وقصائد أخرى للشاعر العماني في هذه المحافظة الغنيّة بالشعرالأصيل ..التغرود شعر البدو الأصيلفن التغرود من أشهر فنون البادية العمانية، ولقد تسنى لنا في الأعداد السابقة نشر مجموعة من القصائد التي يختص بها هذا الفن الشعبي الشهير، في هذا العدد سننشر ما رواه لنا الشاعر ضبيب بن عبدالله بن ضباب الجنيبي لشعراء راحلين ، منهم الشاعر الراحل مسلم الجنيبي ، وكلنا أمل بأن تتواصل جهود توثيق هذا الفن الأدبي الشعبي عبر الجهات الرسمية أو الأفراد المهتمين بأدب التوثيق.عيني رَبَتْ لسميحهوقلبي بِداه غراميوم ويّهت مركوبهومرعّفه بخزامشوح وبدنها رايقومنسوعه من جدّامباخص وأعرف روحيرواعي الدرهاموللشاعر مسلم الجنيبي تغرودة أخرى، برواية الشاعر ضبيب الجنيبي، يقول فيها:يا سعيد لو مرّه انقص أثاريفي سيح ومغبّر عليهن ذاريبتقول راعي البحر فيهن ضارييا سعيد حولٍ عاليه واتشارييللي تلحقه الصيد عصر جهاريأباك من النوّاح نزح وخاريأبداً لا تنحاه بالصواريومن القصائد التي نسعد بنشرها في موضوعنا هذا، قصيدة جميلة للشاعر المعاصر محمد بن سليم، ألقاها الشاعر ضبيب الجنيبي يقول فيها:أحلام وحشه من رقادي تورقنيوأنش مرعوب كنّه روع ياتينيمن جا نهاري أقول الليل يدمجنيومن جا صباحي أقول العصر يرمينيما أعرف خيار البصاير حرت صدقنيولا أعرف نهاية طريقي وين ترمينيقلّي مدامك طبيبي من يعالجنيكانك تعذّرت ما تقدر تداوينيومن عنك مني يداويني ويرفجنيومن م المخاليق بإمكانه يسّلينيعيني إذا ناظرت عينك تعوّقنيقوّت عيونك تضيّع لي نظر عينيالشاعر عتيق وأخته الشاعر سليمةذكرنا سابقا نماذج من شعراء ينتمون لأسرة وأحدة، وهذا أمر طبيعي في الكثير من المناطق، غير أننا سنتعرف على شاعر وشاعرة أخوة يقولون الشعر في مجلس واحد، هما الشاعر عبيد بن عتيق الجنيبي وأخته الشاعرة سليمة بنت عتيق الجنيبية، وقد تشرفنا بالتعرف عليهما في حضرة مجموعة كبيرة من الشعراء. نختار هذه الابيات للشاعر عبيد بن عتيق الجنيبي:لفينا الدقم في صبح الضحى نشّارأنا ومعي شبابٍ لفّه، شويّهتفاجأت في بنت حلوه تجذب الأنظارما قدرت أوصف حسنها قلت : سوريّهالصدر ميدان يحمل ساحة المضماروالجسم ناعم عليه خدود ورديّهوالخصر يشكي من الارداف ثقلة باروالخشم مكعوب والشفّات عسْليّهإذا تبسّم حليب الدر م الأبكاروإذا تحكّى يزول الهم لي فيّهبعد ذلك استمعنا للشاعرة سليمة بنت عتيق الجنيبية، التي اتحفتنا بمجموعة من قصائدها الجميلة. وكان شعر الغزل حاضرا بقوة في ما قالته، فالشاعرة البدوية لا تختلف عن أخيها الشاعر في البوح بمشاعرهم بحرية وعفّة ، تقول الشاعرة في إحدى قصائدها:أقول يالله صبّرني على فرقاهلو كنت أحبّه وعندي شخص مطلوبيكم ما تعنيت صوبك والعباد هياعوبُعد المسافات رد بخوف مرعوبيعابر سبيله ورايح في طريقه ماروشاف الذي منفصل ضايع ومنهوبيكما ألقت شاعرتنا قصائد أخرى، نختار هذه الأبيات من إحدى قصائدها الجميلة :والله أحبه ، أحبه (فول) وأعجب بهوأحب شوفه ومصعب ساعة فراقهساعة فراقه يصير القلب متلبّكوأتم كنّي مريضٍ فاقد اعصابهسرت الطبيب وقال العلاج هب عندييجوز لنّه محبك قاطع وْصالهمشاكاة بين الشعراء الزوجين بين صالحة وحمودما أجمل الشعر بين زوجين يجمعهم الحب والإبداع، وكم هي قليلة هذه الحالات التي يجتمع فيها زوجان يقولان الشعر ويترادان القصائد، الشاعرة صالحة المخيبية تبعث بمشاكاتها الجميلة إلى زوجها الشاعر حمود بن علي الجنيبي، لنقرأ بوحهما الشجي، تقول الشاعرة:هبوب الكوس وْشعاع الشروقصباح اليوم واشلني هبوبهوثوّر بي قصى الخفّاق عوقوقفرت أثره في كل دربٍ مشوبهأحبه يا ملأ والشوق شوقمن الهامه يلين أقصى عجوبهخذا حقه وأنا منه محروقوطلّع م السهر في العين حوبهعشيري يا الحبيّب يا معشوقتملّكني بهلابك يا محبوبهأحب عمان من غرب وشروقوأخص أحب من حدرا جنوبهبعد هذه القصيدة الصادقة بعاطفتها ، يأتي رد الشاعر حمود بن علي الجنيبي في قصيدة رائعة، يقول الشاعر لزوجته :سكب هطل المخايل لي تشوقوفنجان الشعر حلو مْشروبهما دامه دق بابه والخفوقوشيطان الشعر عزّم ركوبهوردّي ينتحي نوّه شروقجدى من في الحشا رسّى طنوبهجدى الغالي حلالي ومعشوقوردي للحبيب أعلن وجوبهودام الدم يجري في العروقودام أيام عمري في الحسوبهأحبه دام لي في الحب ذوقيلين أرحل في يومي لمكتوبهوثّق في الحشا بأقوى سبوقوملكني ملك هتلر في حروبهوأحس الخل بأحساسه صدوقوأحاسيسي جدى خلي طروبهعن الداني تعلّى فوق فوقولا الواشين محبوبي عذوبهسكن بين الحنايا ومعلوقوغيره م الخلايق ما سكنوبهسبب حبه عيوني لي تشوقونجينا من هلاكه بالعجوبههكذا هو حال العاشقين، يكتبون قصيدتهم الخالدة التي لا تنتهي، وبهذه المشاكاة اخترنا أن نختم رحلتنا الشعرية في هذه المحافظة الفاتنة.. شاكرين أهلها الكرام على حفاوتهم وكرمهم وتعاونهم الكبير.. علنا نحظى بفرصة أخرى نسبر فيها أغوار الشعر وأحراشه، ونشم زهوره وياسمينه، ونلمس أمواجه ورماله في بادية الأصالة والشعر الجميل.حمد الخروصي twitter: @hamed_alkharusi