كتب ـ خميس السلطي:
أقيم بمجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه بمحافظة ظفار صباح أمس، الندوة العلمية الأدبية "ظفار ألسنتها وآدابها"، وبتنظيم من وزارة التراث والثقافة ممثلة في المديرية العامة للتراث والثقافة بمحافظة ظفار، وتحت رعاية سعادة الدكتور أحمد بن علي العمري المستشار الفني بمكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار.
تضمن حفل افتتاح الندوة كلمة الوزارة ألقاها أحمد بن سالم الحجري مدير عام التراث والثقافة بمحافظة ظفار، والذي أشار فيها إلى أن المديرية العامة للتراث والثقافة بمحافظة ظفار ارتأت أن تسلط الضوء على لغات المحافظة ومن بينها اللغة الشحرية أو الجبالية كما يسميها بعض الباحثين، موضحا الحجري أن الاهتمام بالتراث الثقافي ماديا وغيرَ مادي هو من أساسيات اهتمام وزارة التراث والثقافة، وقد قامت المديرية بدورها المناط بها في تنفيذ رؤية الوزارة من خلال توثيق الموروث الثقافي لمحافظة ظفار ودعمه، والمحافظة عليه، والتعريف به.
وقدم الشاعر سالم البرعمي قصيدة وطنية، تغنّى فيها بحب الوطن وأمجاده والمنجزات المتحققة في ظل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ.
قصائد الرعاة
ثم بدأت الندوة بإلقاء ورقة عمل أولى قدمها الشاعر علي بن سعيد العامري، بعنوان "من قصائد الرعاة في محافظة ظفار"، ويشير العامري إلى أنه وقف طويلا أمام أشعار الرعاة المعاصرين في ريف ظفار وهم ينسجون من الأحرف الرائدة منذ الأزل، أناشيد في غاية الروعة والبلاغة، موضحا أن ما يلفت الانتباه أن كلمتي جبل المر وتل اللبان لا توجد في الشام بل توجد منذ الأزل في الساحل الجنوبي الغربي لجزيرة العرب من رأس فرتك الى جبل سمحان وهي المنطقة التي أجمع المؤرخون على أنها المكان الذي يجلب منه اللبان والمر، وهو ما جعله يذهب الى الاعتقاد بأن النص الأدبي ما هو الا قصيدة رعوية غنائية قديمة كتبت على مقربة من أمتداد أرض الله. وأوضح الباحث العامري في ورقته : منذ أن حور الناقلون القدامى نصوص أشعار الرعاة ليجعلوا منها نصوصا مقدسة وحتى هذه اللحظة التي ما يزال شعراء الرعاة يتغنون بدبرارت هناك الآلاف من النصوص المنسية والمطوية في النسيان والذبول أنها دعوة مفتوحة للأدباء والباحثين لكي يتجاوزوا نظرية مارجليوت وطه حسين عن طبيعة الشعر الجاهلي الممتد منذ أكثر من أربعة آلالف سنة الى الآن ليتحجر ويجمد في حناجر الرعاة القاطنين في سواحل أرض (سأكلهن), والممتدة من رأس فرتك الى القمم الشرقية لجبل سمحان.
الدراسات الأجنبية
كما قدم الدكتور محمد بن مسلم المهري، ورقة العمل الثانية وبعنوان " الدراسات الاجنبية حول اللغات في ظفار ـ ثنائية الجمع والتأصيل" مشيرا إلى أن المدارس الغربية كان لها قصب السبق في الاهتمام باللغات العربية الجنوبية المعاصرة جمعا، وتصنيفا، وإخراجا، في حين كانت بلداننا يخيم عليها ظلام الجهل، حسب قول المهري، وكانت البعثات العلمية الغربية تتوالى علينا حسب رأيه بالرغم من قلة الأمن، وعناء السفر فكانت تلك الآيادي البيضاء التي امتدت إلى لغاتنا فأخرجتها من عزلتها ومكنت لها في أرقى دور العلم في الجامعات والمعاهد الأوروبية، وأشار إلى هذه اللغات هوجمت رغم عراقتها، من قبل أبنائها بدعوى البقاء للغة واحدة وهي الفصحى، ولا يعلمون، أو يتجاهلون أن هذه اللغات القديمة قد تكون مفتاحا لمعرفة الكثير من أسرار العربية الفصحى وفك رموزها.
لغات أهل ظفار
أما الورقة الثالثة فقدمها الباحث أحمد محاد المعشني، وبعنوان "لغات أهل ظفار بين القديم والحديث"، وتناول من خلال ورقته العديد من النقاط في محاولة لرسم صورة مختصرة للغات ولهجات ظفار عبر تاريخها الطويل، كون أن هذا الموضوع طويل وشائك جدا حسب رؤية الباحث المعشني نظرا لطول الفترة الزمنية التي تغطيها الورقة ولقلة المصادر والمراجع التي تناولت الموضوع، فقد أوجد من خلال هذه الورقة مدخلا حول بعض التعريفات الهامة حول الموضوع، إضافة إلى التطرق إلى لغات ظفار قبل الإسلام، والوضع اللغوي واللهجي لظفار في العصر الإسلامي الوسيط، كما تحدث عن لغات ظفار ولهجاتها في العصر الحديث.
ثم قام الشاعر الدكتور هلال الحجري، بإلقاء قصيدة "شيخة" للشاعر المرحوم محاد بن عبيدان العمري، باللغة العربية الفصحى ثم قدمها الشاعر محمد بن عبيدان العمري باللهجة الريفية "الجبالية"
بن عبيدان العمري
وتخلل الندوة إلقاء فن الدبرارت، وقدمه كل من محمد بن أحمد فوراق البرعمي وسالم بن أحمد فوراق البرعمي وطارق بن أحمد فوراق البرعمي، كما قدم سعادة الدكتور عبدالله بن علي العمري، الورقة الخامسة من أوراق الندوة وحملت بعنوان "حياة الراحل الشاعر المرحوم محاد بن عبيدان العمري" وأوضح فيها أن الشاعر العمري الراحل من أشهر شعراء الدبرارت، فقد ولد في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي في مدينة مرباط في أسرة جاه وكرم وشعر، وعاش فيها طفولته الاولى ما بين مدينتها وريفها، وبعد وفاة والديه انتقل الى ولاية سدح ، وعاش فيها معظم العمر وأجمله، وتوفى في مطلع ٢٠٠٩ ، بعد مسيرة شعرية زاخرة بالإبداع وبعد تجلٍ انساني منقطع النظير، ترك ارثا شعريا غنيا بالإبداع وخلف أربعة شعراء مبدعين وثلاث شاعرات.
أما الملحن يوسف مطر فقد قدم مداخلة فنية بعنوان "التجربة اللحنية في القصيدة " أشار فيها إلى أهمية أسسها وظواهرها الجمالية مرورا بآليات الاشتغال عليها وتقديمها كحالة أدبية فريدة.