[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
يصر الأميركي على عدم الخروج من شمال سوريا بحجة عدم انتهاء قتاله لتنظيم "داعش" الأمر الذي يعتبره البعض "حلم إبليس بالجنة" .. ثمة واقع قائم في سوريا اليوم، هو رسالة مباشرة إلى الأميركي الذي يرى ويسمع ويطلع على أن السوري منذ مصاعبه الأولى وصولا إلى ارتياحه الأخير، لا يهادن في مسألة إخراج جميع القوى الأجنبية من الأراضي السورية. كل مساحة سوريا يجب أن تعود حتى بالسنتمتر بل بالمليمتر كما قال أحد الأصدقاء السوريين.
نحن أمام تغيير كلي في الواقع الميداني سيؤدي حتما إلى انتهاج واقع سياسي .. السياسة تستثمر الميدان دائما، مثلما هو يكون تكون هي وأكثر .. يقول العارفون إن همهمة في الجيش العربي السوري تدور كلما طلع نهار جديد على سوريا، وعلى هذا الجيش الذي يريد أن ينهي كل ظاهرة غير طبيعية على أراضيه .. الحالمون عديدون كما يظهر من أنشطتهم التي يودون من خلالها الذهاب بعيدا .. الفكر الاستعماري يغري المستعمر، تدفع به ظنونه المجنونة إلى ارتكاب حماقات البقاء على أرض ترفضه، ولسوف ترفسه حين تقترب الساعة التي سوف تأتي ولا بد منها.
بعد انتصارات سوريا المتراكمة، سيكون كل غريب عن أرضها بلا عقل فاهم أو عارف بأصول التحرير أمام ثمن باهظ .. الكردي لن يكون إلا سوريا مهما حاولوا تقديمه على أسس منافية لحقيقة التصاقه بوطنه الثابت سوريا .. والفعل الصامت الذي يعاين المحتلين لمناطق سوريا، ليس سوى مراقبة من قوى يملؤها الغضب فيعلو وجهها.
من الواضح أن الأميركي يختبئ خلف تنظيمات داخل سوريا من صناعته كما بات معروفا، لكنه أضاف إلى موقفه أنه لن يساهم في إعمار سوريا ولن يسمح للاجئين السوريين بالعودة إلى بلادهم إلا إذا خرجت إيران وحزب الله، فيأتي الرد الروسي عليه من فم وزير الخارجية لافروف، أن إيران والحزب المذكور موجودان بطلب من سوريا وليسا مقتحمين لها، وأن ثمة كلاما سوريا من أعلى المستويات يؤكد هذا المنطق.
يبدو أن الأميركي لم يأخذ العبرة مما حصل له في العراق الشقيق، وكيف تحول وجوده على الأرض العراقية إلى أفخاخ تصطاد جنوده كيفما تحركوا .. صحيح أن العراقيين دفعوا حسب الإحصاءات المتعددة عددا كبيرا من شعبهم على مذبح تحرير بلادهم، إلا أنهم تحولوا إلى رمز للوفاء الوطني بكل إجماعه الذي كان نموذجا لحركة الشعوب في تحرير بلادها..
بمثل هذه الروحية يستعد السوري للفعل ذاته، ثمة كلام كثير من مسؤوليه لا بد أن يفهمه اللاعبون بالنار من شتى الدول التي لم تفهم حتى الآن أن ذلك الكلام إنذار متكرر لفعل يتم التدرب عليه من أجل اليوم الموعود الذي لن يكون بعيدا، حتى لو بقي الأمر شهورا أو سنين.
ثم إن الذين يحتلون الأرض السورية، لم يأخذوا بعد بعين الاعتبار التحالف القائم بين سوريا وحلفائها وآخرين، وهو تحالف تفوه كثيرا بكلام مقتضب مفاده تحرير سوريا كاملة غير منقوصة، وهو لهذا السبب يعزز قواته عددا وعدة، ويحول أرض سوريا بالتدريج إلى مقبرة لكل من يفكر بالبقاء عليها وفيها. فاتركوا سوريا، اخرجوا منها قبل أن تخرجكم بالقوة مذعورين خائبين.