[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
مع حلول عام 1935، بدأ التحرك المضاد للصهيونية في العراق، وكان لوجود ياسين الهاشمي على رأس الوزارة العراقية في تلك السنة ونشاطه المعروف لصالح القضية الفلسطينية وتعاطفه القومي معها كان من جملة الأسباب التي لعبت دورها في تشديد القبضة على الحركة الصهيونية ونشاطها في العراق آنذاك، فضلًا عن التعاطف النسبي الذي كان يبديه الملك غازي على القضية.
ولا بد من الإشارة إلى أنه بعد قيام دولة العراق الحديثة 1921 توسعت نظم المدارس اليهودية وزاد عدد طلابها، وقد أشار تقرير عن هذه المدارس في بغداد سنة 1930 إلى وجود عشر مؤسسات تعليمية بعضها يعود إلى القرن التاسع عشر، وبعضها إلى فترة متأخرة، أقدمها مدرسة تلمود توراة 1833 وفيها 27 صفًا (2049 طالبًا) وهي مدرسة للتعليم الديني مع تعليم ابتدائي بالعربية، ثم مدرسة دافيد ساسون التي قدمها ابنه البرت إلى الأليانس 1874 وتحوي 475 طالبًا فيها 12 صفًّا وتدرس فيها الإنجليزية والفرنسية إلى جانب العبرية والعربية (الفرنسية تعلم فيها جميع المواد بينما العبرية للغات والدراسات الدينية) (A.sasson,History of the Jews in Baghdad ,London , 1949 p 171). إضافة إلى مدارس عديدة أخرى، وإلى جانب المدارس الابتدائية والثانوية، توجد كليات للدراسات العليا، ومدارس لتعليم البنات الأشغال اليدوية منها (مدرسة عزرا ساسون ومدرسة نوريل أسستها ربيكا نوريل).
يدخل النشاط التعليمي ضمن ما يسميه الكاتب اليهودي إبراهام بن يعقوب بالتحفز الصهيوني ويشير إلى أنه خلال السنوات (1918ــ1935) أصبح النشاط الصهيوني كبيرًا في العراق، وقد عبر عن نفسه ليس بامتلاك الشكل الصهيوني بالإسهامات للطائفة وللصندوق التأسيسي (وهو الجهاز العالي الأساسي للمنظمة الصهيونية تأسس عام 1920) ولكن ساهم أيضًا بتأسيس جمعيات للشبان ودور لنشر الصحف والمؤلفات في اللغة العربية والعبرية لأهداف صهيونية وثقافية، وازداد نشاط الصهيونية في العراق، ودخل مرحلة أكثر حضورًا وفاعلية بعد أن تأسست في التاسع والعشرين من تموز/يوليو عام 1920 منظمة (الآداب العبرية) لنشر اللغة العبرية وآدابها، وفتحت ناديًا عبريًّا لقراءة الصحف وإلقاء المحاضرات حول مواضيع التعليم والثقافة اليهودية، وفي سنة 1921 صدرت صحيفة شهرية باسم (المستقيم) وفي الخامس من آذار/مارس صادق المندوب السامي للعراق على تأسيس (اتحاد صهيوني لارام النهرين) برئاسة أهرون ساسون بن الرباني إلياهو ناحوم وكان من رؤساء الصهاينة النشطين في العراق.
وبعد مدة قصيرة لم تتجاوز الثلاث سنوات، ازداد عدد أعضاء الاتحاد ليصل إلى حوالي ألف شخص، وتأسست له فروع في مدن البصرة، خانقين، العمارة، واتسع نطاق ذلك الاتحاد ليشمل اليهود في شمال العراق، بعد أن افتتح فرعًا له في أربيل، كما تم إنشاء جمعيات عبرية وصهيونية أخرى منها (الجمعية العبرية الأدبية) تأسست سنة 1920، و(جمعية إخوان العبريين) لتوزيع الكتاب العبري، و(جمعية أبناء يهودا) و(جمعية الشبان العبريين) 1931 وجمعية رياضية باسم (مكابي).
يقول يوسف مئير: لقد تغلغل أعضاء رابطة "مكابي" في جميع المدارس اليهودية في بغداد تقريبًا، ووصل نشاطها الرياضي إلى الأوج في عامي 1931، 1932، حيث وصل عدد الأعضاء المسجلين حوالي (50) عضوًا. وقد حددت رابطة "مكابي" الزي الموحد لجميع اللاعبين التابعين لها ـ قميص أزرق وبناطيل زرقاء ـ وكان اللاعبون يتجولون في الشوارع في زيهم هذا دون خوف من الاعتداء، بل كانوا يعلقون شارات "مكابي" التي أرسلت إليهم من فلسطين.(128)
وساهم في التثقيف الصهيوني وبث الأفكار التي تريدها الجمعيات اليهودية ما أسسوه من صحف ومجلات ودور نشر فبين السنوات 1909ــ 1948 ظهرت في بغداد ثماني صحف أصدرها اليهود، واحدة منها بالعبرية والباقية بالعربية وهي (المستقيم) وهي مجلة شهرية أدبية واجتماعية وتاريخية وصدرت بالعبرية سنة 1921 ورأس تحريرها تسيون الدرعي.