[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
هكذا يكبر اطفالنا امام اعيننا.. سنة وراء اخرى تتغير ملابسهم، كما يتغير معها حذاؤهم .. تنمو افكارهم رويدا لكنها تظل عند حدود البراءة الموصوفة بانها مرادف لهم.العالم يهتم، اقرت الأمم المتحدة عام 1954 يوما عالميا للطفل مازال ساري المفعول واليوم تصادف ذكراه.
مثل كل ماهو مقيم في عالمنا العربي، تبدو الطفولة اكثر من تعذب وفهم لعنة الحياة مبكرا. اصبحت بعض المدن العربية وبعض القرى غير صديقة لها بل قاتلة في معظمها، مما تسبب في بعضه الى ركوب المصاعب بحرا وبرا، ودفع الثمن احيانا غرقا بعد الوصول الى الشاطيء جثة هامدة مثلما اصابنا جزنا ذلك الطفل العربي الذي وجدت جثته على شاطيء البحر.
كل انسان على وجه الأرض له حلم وحيد يتمناه دائما ان يتجاوزه اطفاله في كل ماوصل اليه .. ذاكرتنا الاجتماعية تقودنا إلى التنافس مع الآخرين أقارب وأصدقاء منذ شبابنا، الا اطفالنا، فلهم كل الامل والبحث من اجلهم عن الافضل دائما في شتى مجالات الحياة.
ذات مرة قرأت في رواية للكاتب هنري باربوس ان "الطفل ابو الرجل"، جملة شرحت صدري وانا اتعرف على طفلي لاول مرة، رأيت فيه الاب المستقبلي فكان علي ان التزم بما يوصله الى تلك المهمة التي يصلها الرجال والنساء عادة.
ابوة الطفل المبكرة تحكي لنا ماكنا نتمناه ونحن في اعمارهم الوردية، لكننا في كل الاحوال، نحن نربي رجل المستقبل، هذا المشروع يبدأ منذ لحظة الولادة ويكبر مع الطفل الى ان يصبحه تماما.
تلك الامال يعيشها الاطفال الذين لم تقسو الحياة عليهم، ولا هم اصابهم جرح اوطانهم .. اصعب مانسمعه صراخ طفل من الخوف، او انينه اذا مااصابه مكروه .. واصعب الاصعب ان نراه ممددا امامنا بلا حراك .. احترق قلبي وانا اشاهد في التلفاز الطفل اليمني الذي قتل ابوه فتمدد الى جنبه رافضا تركه لعله يستيقظ كما هي افكار هذا الطفل الذي تعلم مأساة فقد أعز الناس في سن مبكرة جدا.
خلال السنوات السبع او الثماني الاخيرة عاش اطفالنا العرب في بعض البلدان ازمة وجودهم .. كانوا على المحك، لم يعرفوا ماذا يعني الموت، لكنهم شعروا به حين تساقط اهلهم واقاربهم وبكى من بكى، كانت دموع الآخرين قصة تروي لهذا الطفل معنى سيرافقه خلال مشوار عمره.
في فيلم عن اطفال سورية خلال المؤامرة الدنيئة عليها، يسأل أحد القضاة طفلا عن سبب رفع دعوى على اهله، فيرد ببساطة واعية، "لانهم خلفوني" .. بالطبع هناك من كتب الجملة لهذا الطفل، لكن صدقوني ان في داخل كل طفل عاش مآسي وطنه الاحساس ذاته ولو انه لايستطيع التعبير عنه.
افرح كثيرا حين اشاهد في سورية اطفالا مازالوا يرسمون ويرقصون ويفرحون ويكتبون وظائفهم المدرسية ويذهبون إلى الحدائق للاستمتاع بالطبيعة، وعيونهم تقول واقعا مختلفا كليا عن اطفال عاشوا ذعر اهاليهم وهم يهربون من الموت الذي يلاحقهم عبر مسلحين قتلة.
يوم توفي القائد الفيتنامي هوشي منه وكان ذلك في اصعب ايام الحرب على بلاده، وجدوه تاركا وصية مكتوبة وحين فتحوها رأوها موجهة الى اطفال بلاده.. لم يتذكر ذلك الزعيم سوى من ستكون لهم ارادة الحياة المقبلة.