[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
ظهرت الكثير من الدراسات والأبحاث التي تناقش أزمة المياه وتداعياتها المستقبلية، ولم تخرج غالبية تلك الدراسات عن تأشير أكثر من صورة قاتمة تدور في محيط هذه القضية، وبينما تذهب الكثير من الدراسات إلى الأزمات الكبيرة، فإن البعض يرى في قضية المياه نافذة أخرى تختلف عن ذلك، وقد تقود إلى مسارات جديدة في الشرق الأوسط.
تحاول الدراسات الغربية والإسرائيلية، أن تجعل من الأزمة التي يتوقع أن تمر بها منطقة الشرق الأوسط على صعيد ندرة المياه، ورقة ضغط للدخول في مشاريع مشتركة مع الإسرائيليين، مع التلويح بالتطور التكنولوجي الذي تمتلكه إسرائيل بدعم مباشر من الغرب، باعتبار أن ذلك يدعم الطروحات العلمية التي يقدمها خبراء المياه في العالم والتي تؤكد على أن الحلول الجزئية، قد تؤدي إلى تفاقم المشكلة المائية، والتي توحي ضمنا بضرورة الإفادة من الإمكانات التقنية الحديثة للتغلب على مشكلة المستقبل.
ويتضح ذلك الاتجاه، من خلال الضغوطات التي تمارس ضد الدول العربية على صعيد المياه، ويقول عنها الدكتور سليمان المنذري (إن بعض الأطراف الأجنبية أخذت تمارس الضغط لاستنزاف الموارد المائية العربية وإيجاد أزمة حقيقية للمياه).
إن ما يرافق الطروحات الإسرائيلية بخصوص الدقة والعلمية باستخدام المياه، وضرورة الحرص على الموارد المائية يرافق ذلك طروحات أخرى ترسم صورة أقرب إلى الفوضى والتخبط وعدم وجود آلية دقيقة لدى العرب خاصة في استخدامهم للمياه، ولهذا نرى أن التحذيرات التي تصدر في الكثير من الأحيان تتحدث عن ندرة المياه وهول المشكلة التي ستواجه المنطقة وضرورة معالجتها بالسرعة والدقة المطلوبة.
وفي المؤتمر الأوروبي المتوسطي حول إدارة مصادر المياه الذي عقد في فرنسا في نوفمبر 1996، حذر ميشال باتيس أحد كبار الخبراء في منطقة الشرق الأوسط من خطر أن يتحول ما أسماه بالنقص الموسمي حاليا إلى نقص دائم غدا، وقال إن ذلك قد يمتد إلى جنوب أوروبا وخصوصا إسبانيا.
وأكدت البحوث التي قدمت خلال المؤتمر على أن المياه العذبة هي المورد النادر والهش المستخدم بإفراط في دول البحر الأبيض المتوسط، وشكلت تحديا رئيسيا خلال القرن الحادي والعشرين، لأن اكتظاظ المدن واتساع عمليات الري يجعل هذه الدول مهددة بنقص متزايد في المياه.
ويرى ـ ميشال باتيس ـ أن النقص المتوقع في المياه في منطقة الشرق الأوسط يشكل التهديد الفعلي، مؤكدا على أن ذلك الأمر يقف عائقا أساسيا أمام التنمية الاقتصادية، ويقول (تعاني من ذلك ثماني دول في حوض المتوسط، تستخدم أكثر من 50% من مصادرها القابلة للتجدد وبعضها تجاوز المائة في المائة ـ أي أن مصدر المياه ليس لديه وقت ليتجدد).
أما تقارير ومعلومات برنامج الأمم المتحدة للبيئة فتوكد باستمرار، أن ملامح أزمات جديدة ترتسم بسرعة كبيرة بسبب كثافة النمو السكاني والحاجات التي تولدها تنمية المدن والاستخدام الزراعي المكثف.
ونعتقد أن الطروحات المكثفة لمسألة (ندرة المياه) في المنطقة العربية، لم تأتِ نتيجة وجود ندرة حقيقية، بل إن هذه (الندرة المائية) موضوع النقاشات والحوارات والخلافات الجارية، ستحصل بعد أن تنتهي المخططات الإسرائيلية في المنطقة، وتنتهي المشاريع التي أسهمت الأفكار الصهيونية في تأسيسها والتخطيط لها والمشاركة في إنشائها، سواءً كانت المشاريع التركية أو الإثيوبية والتي إذا ما استخدمت لأغراض سياسية، فإنها ستخلق ندرة حقيقية مصطنعة، وليس ندرة طبيعية، كما تحاول أن تشير إلى ذلك معظم البحوث والدراسات وحتى التصريحات. وعندما نقول إن هذه المشاريع ستنتهي، لا نقصد أنها تتوقف لكن المقصود انتهاء استخدامها ورقة سياسية.