[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedsabry.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]احمد صبري[/author]
نعم حصار العراق يختلف عن حصار إيران؛ فالأول كان مميتا وأودى بحياة أكثر من مليون عراقي وتدمير بنيته الأساسية، تحول إلى أداة للتجويع والترويع والتركيع، بينما حصار إيران كان أحاديا من دولة كبرى ولا يستهدف تغيير النظام، كما سعى مع العراق الذي كانت خواتيمه بالغزو والاحتلال.

منذ استخدام الحصار سلاحا لمعاقبة الدول وفرض الإرادات وتغيير الأنظمة وسلاح العقوبات تحول إلى أداة سياسية في عملية الصراع، مرة كان عبر مجلس الأمن كما في الحالة العراقية، وأخرى من قبل دولة دائمة العضوية في المجلس وهي الولايات المتحدة استهدف كوريا الشمالية وإيران.
وعندما نستعرض مسار سلاح الحصار ومبرراته وأهدافه نستطيع القول إن سلاح العقوبات الذي استهدف العراق بعد اجتياحه للكويت عام 1990 كان أقسى وأخطر الحصارات في العالم.
فحصار العراق طال كل شيء في حياة العراقيين وحرمانهم من الغذاء والدواء وحتى أقلام الرصاص، ناهيك عن استهدافه حاجات العراقيين الأساسية، الأمر الذي عطل مسيرة الحياة واستمرارها خلال 13 عاما.
وما زاد من جور الحصار ووطأته وقسوته هو الالتزام الحرفي بشروطه، لا سيما دول الجوار العربي والإقليمي، ما ساهم في سد أي نافذة قد يتنفس العراقيون من خلالها ويطلون على العالم رغم الاستثناءات، ونقصد بها الأردن الذي حاول على مدى سنوات الحصار أن يلبي بعض احتياجات العراق ومتطلبات شعبه.
والمقاربة بين حصار العراق وإيران ليست سهلة بسبب الفرق الكبير في النوايا والمبررات والتوقيت ومدى التزام وتعاطي المجتمع الدولي مع الحصارين، فالعراق كان محاصرا من دول الطوق إذعانا لقرارات مجلس الأمن وحرمانه من أي إطلالة بحرية مع العالم الخارجي، في حين أن حصار إيران يختلف في مبرراته وأهدافه عن حصار العراق، فإيران تطل على العالم ببحور وخلجان يمنحها حرية الحركة والمناورة، وتحادد دولا غير متحمسة لتطبيق العقوبات عليها، فضلا عن أن عقوباتها جاءت من دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن وليس بإجماع أعضائه، ناهيك عن أن حصار إيران تحول إلى موضع خلاف مع حلفاء أميركا إقليميا ودوليا، ما يعطي إيران مساحة لتفادي أضراره.
نعم حصار العراق يختلف عن حصار إيران؛ فالأول كان مميتا وأودى بحياة أكثر من مليون عراقي وتدمير بنيته الأساسية، تحول إلى أداة للتجويع والترويع والتركيع، بينما حصار إيران كان أحاديا من دولة كبرى ولا يستهدف تغيير النظام، كما سعى مع العراق الذي كانت خواتيمه بالغزو والاحتلال.
إن إيران التي تواجه العقوبات الجديدة بالمراهنة على إفشاله مستندة إلى مواقف الدول الموقعة على الاتفاق النووي وهي أوروبا وروسيا والصين التي عدت العقوبات الأميركية محاولة للقفز على بنود وروح الاتفاق النووي الذي انسحبت منه أميركا.
والموقف الأوروبي والروسي وحتى التركي بعدم الالتزام بنظام العقوبات الأميركية يشجع دولا أخرى على خرق الحصار لكونه أحادي الجانب وليس بتفويض جماعي من مجلس الأمن ما دامت إيران ملتزمة بالاتفاق، ناهيك عن عدم التزام بعض الدول المحاددة لإيران بالحصار، ما يعطي أيران أرجحية للإفلات من العقوبات الأميركية وتقليل أضرارها.
وعندما نعود إلى الحصار الأميركي على إيران فإنه يستهدف وقف تطوير أنشطتها النووية والصاروخية، ووقف تدخلها في شؤون دول محددة عكس ما كان يستهدفه الحصار على العراق.
واستنادا إلى ما تقدم: هل نحن أمام مشهد جديد قد يعيد إلى الأذهان سيناريو ما جرى للعراق بفعل العقوبات وخواتيمها واحتمالات انعكاسها على الحالة الإيرانية؟ أم أن خواتيم الحصارين يختلفان من حيث النوايا والمبررات والأهداف والتوقيت؟