وارسو – ( وكالات ) : عين رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك رئيسا للمجلس الأوروبي خلفا لـهيرمان فان رامبوي، ووزيرة الخارجية الإيطالية فيديريكا موجيريني ممثلا أعلى جديدا للاتحاد للشؤون السياسية والأمنية خلفاً لـكاثرين آشتون. بحسب مااعلن رئيس المجلس الأوروبي المنتهية ولايته هرمان فان رومبوي. فيما هنأهم البيت الابيض على انتخابهما في اعلى منصبين في الاتحاد الاوروبي، مؤكدا الولايات المتحدة "ليس لديها شريك اهم من اوروبا". وجاء اعلان فان رومبوي على حسابه على تويتر بعيد بدء القمة القمة الاوروبية التي ستبحث فرض عقوبات على روسيا المتهمة بتصعيد الوضع في اوكرانيا. وسيخلف توسك (57 عاما) العضو في الحزب المحافظ الاوروبي، في ديسمبر فان رومبوي الذي كان اول رئيس دائم للمجلس وهو منصب استراتيجي مكلف تنسيق العمل بين رؤساء الدول والحكومات وتمثيل الاتحاد الاوروبي في الخارج الى جانب رئيس المفوضية. وهذا التعيين يوجه رسالة حازمة الى روسيا لان بولندا التي كانت سابقا ضمن الكتلة الشيوعية، تعتبر بين الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي الاكثر دعما لاوكرانيا منذ بدء الازمة. وبولندا ليست عضوا في منطقة اليورو.
اما موجيريني (41 عاما) فتنتمي الى الحزب الديمقراطي الايطالي المنبثق من الاشتراكية الاوروبية. وبعد فوز الحزب الديمقراطي الساحق في الانتخابات الاوروبية والذي جعله اكبر حزب يساري في اوروبا، دفع رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رنزي بترشيح موغيريني لخلافة البريطانية كاثرين اشتون في نوفمبر على رأس الدبلوماسية الاوروبية. وكان دونالد توسك المعروف بواقعيته اعلن تأييده فرض عقوبات فعالة على موسكو، بعد العمليات الروسية في اوكرانيا. ويعارض في المقابل المبادرات التي اتخذتها بلدان بصفة فردية، وينادي باعتماد تحرك "مسؤول" مشترك، في اطار الحلف الاطلسي والاتحاد الاوروبي. وقد رسم هذا المؤرخ الآتي من صفوف حركة تضامن التي اسقطت النظام الشيوعي في بولندا في 1989، لنفسه صورة رجل فعال جدا في اللعبة السياسية، وقادر على ان يحول لمصلحته الاوضاع الدقيقة. ويحرص توسك الذي يجيد الخطابة على ان يستخدم لغة معتدلة، إلا انه لا يخفي حرصه على ابهار مستمعيه. لكنه بارع ايضا في اعتماد التشدد حيال محاوريه ولاسيما الاوروبيون منهم. ودائما ما نادى رئيس الوزراء البولندي بتقوية المؤسسات الاوروبية. وربط تبني بولندا اليورو بتسوية دائمة لأزمة الديون. وقد خطف دونالد توسك السلطة في 2007 من الشقيقين التوأمين المحافظين كازينسكي، فأصبح رئيسا للوزراء نتيجة الانتخابات التشريعية المبكرة. وكان اول رئيس حكومة منذ سقوط الشيوعية في 1989 يمدد له في منصبه لولاية ثانية قبل ثلاث سنوات. ومنذ شبابه، عرف بليبراليته الراسخة، وايمانه بأن بولندا تحتاج الى الحد من تدخل الدولة والى مزيد من المتعهدين. لكنه عدل بعضا من وجهات نظره خلال الازمة واقر بأن الوضع يرغم الدولة على التدخل احيانا. وقد عارض توسك النظام عندما كانت بولندا لا تزال شيوعية، واسس شركة للتصوير. كانت تلك الخطوة نادرة وفريدة من نوعها في اقتصاد مؤمم. وفي تصريح لوكالة الانباء الفرنسية، قال صديقه منذ فترة طويلة جيرزي بوروفزاك "من خلال تصوير كل انواع المواقع الصناعية والمواقد والجسور، تعرف الى اقتصاد السوق وقواعد عمله". واضاف هذا المسؤول السابق في نقابة تضامن "انه عمل صعب. وكان تنفيذ طلبية بكامل تفاصيلها يستغرق 16 ساعة يوميا في بعض الاحيان، تحت الشمس الحادة". ومنذ سقوط النظام الشيوعي، اسس دونالد توسك مع اصدقاء من غدانسك اول حركة ليبرالية في بولندا. وفي 2001، كان واحدا من ابرز مؤسسي حزب المنصة المدنية الذي يرأسه. ويؤكد انه يكن اعجابا بالرئيس الاميركي الاسبق رونالد ريغان ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت ثاتشر. وفي بولندا، كان من انصار ليش فاليسا، رمز التصدي للشيوعية، الذي يدعمه الان. ونجل فاليسا، ياروسلاف فاليسا، نائب في حزب المنصة المدنية. ويتمسك توسك ايضا بجذوره الكاشوبية وهي اقلية سلافية من منطقة غدانسك التي كانت موضوع نزاع فترة طويلة بين بولندا والمانيا. ولم يكتشف دونالد توسك جذوره الا في وقت متأخر. ويقول "في البيت، لم نكن نتحدث اللغة الكاشوبية ". ولم يتعلم هذه اللغة الا في فتوته وعندما انخرط في حياة مجموعته. وهو يتحدث الالمانية، لكن لغته الانكليزية ركيكة، كما يقول المحيطون به. ويحب دونالد توسك المتزوج من المؤرخة مالغورزاتا، كرة القدم التي يمارسها بانتظام بصفته هاويا، وقد رزق بابنة تعنى بموقع حول الازياء وابن متخصص في العلاقات العامة. من جانبه ، قال فان رومبوي ان دونالد توسك "شارك في اتخاذ قرارات صعبة في السنوات والاشهر الاخيرة تتعلق باليورو وكذلك بالازمات الدولية مثل اوكرانيا". واضاف "باختصار انه رجل دولة لاوروبا". وموغيريني شخصية مختلفة تماما. فوزيرة الخارجية الايطالية منذ بضعة اشهر فقط تنتمي الى الاشتراكيين الاوروبيين وتوصف بانها تتبنى موقفا لينا جدا حيال روسيا. وبعد الفوز الساحق في الانتخابات الاوروبية لحزبه الذي اصبح الحزب اليساري الاول في اوروبا، طلب رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي تعيينها خلفا لكاثرين اشتون في نوفمبر. وقد قامت بزيارات لعدة دول وخصوصا اوكرانيا وروسيا. وأثار لقاؤها مع الرئيس فلاديمير بوتين انتقادات حادة من عدة بلدان في شرق اوروبا اتهمتها بانها "مؤيدة" لروسيا. الا انها دافعت عن نفسها مساء السبت بالقول "نحاول تسهيل شكل من الحوار". واكدت انه "يجب ابقاء طريق الدبلوماسية مفتوحا"، مشيرة الى انه "نعرف جميعا انه لا خيار عسكريا". وردا على الذين يتهمونها بانها تفتقد الى الخبرة، قالت انها تمثل "جيلا جديدا من القادة" الذين يعتقدون ان اوروبا "حلم اصبح واقعا وعلينا ان نعمل على الا يتحول الى كابوس". وسيواجه الفريق القيادي الجديد ثلاثة تحديات كبيرة على حد قول فان رومبوي في مؤتمر صحافي عقده مع توسك وموجيريني. واوضح ان هذه التحديات هي اقتصاد يعاني من الركود والازمة في اوكرانيا التي تعد "اخطر تهديد لامن القارة منذ الحرب الباردة"، وكذلك مكانة بريطانيا في الاتحاد الاوروبي. وفي واشنطن هنأ البيت الابيض توسك وموجيريني مؤكدا الولايات المتحدة "ليس لديها شريك اهم من اوروبا". وقال البيت الابيض في بيان "مع دفعنا قدما باتجاه الامن والازدهار في العالم، ليس هناك شريك اهم من اوروبا للولايات المتحدة"، مؤكدا "نتطلع الى العمل بشكل وثيق مع الرئيس توسك والممثلة العليا موجيريني ورئيس المفوضية (جان كلود) يونكر وكل المفوضين الآخرين". الى ذلك ، لوح توسك بعد اختياره رئيسا جديدا للمجلس الأوروبي بغصن الزيتون لبريطانيا قائلا إنه مستعد للتوصل لتسوية فيما يتعلق بالمخاوف البريطانية من أجل الحفاظ على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون القى بثقله وراء توسك الأسبوع الماضي ليصبح رئيسا جديدا للمجلس الأوروبي على أمل أن يساعده رئيس الوزراء البولندي في الدفع باصلاحات للاتحاد الأوروبي الذي يرى أنه مركزيا وبيروقراطيا.
وأشار إلى أنه مستعد للتوصل لتسوية فيما يتعلق بمخاوف كاميرون بشأن اساءة استخدام المهاجرين العاطلين لنظام الشؤون الاجتماعية. وقال "الاتحاد الأوروبي وأنا شخصيا بالتأكيد سنتعامل مع المخاوف التي أبدتها بريطانيا. "أتحدث عن بريطانيا لأني مقتنع أن مستقبل الاتحاد الأوروبي لن يتقلص. لا يمكن أن يتخيل أي شخص عاقل الاتحاد الأوروبي دون بريطانيا. أنا أيضا لا يمكنني تخيل هذا السيناريو الأسود." وأضاف "تحدثت في الأمر مع ديفيد كاميرون وأتفهم الكثير من محاولاته ومقترحاته للاصلاح وأعتقد أنها مقبولة للسياسيين العقلاء في أوروبا وأيضا عندما يتعلق الأمر بالتوصل لتسوية وموقف موحد لانهاء اساءة استخدام نظام حرية حركة العاملين."