[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/alibadwan.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]علي بدوان[/author]
حقيقة، إنَّ تجاوز الوكالة لأزمتها المالية للعام الجاري، تم بفعل الحركة النشطة والتنسيق المشترك بين الأطراف المعنية والاتصالات التي قادتها القيادة الفلسطينية وجامعة الدول العربية والدول العربية المضيفة للاجئين الفلسطينيين، والاتصالات التي قادها مفوض عام الوكالة (بيير كرينبول) وتواصله مع الأمين العام للأمم المتحدة والدول المانحة والمنظمات الدولية..

انتهت اجتماعات اللجنة الاستشارية لوكالة هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين العرب الفلسطينيين في الشرق الأدنى والمعروفة اختصارا بــ وكالة (الأونروا) في العاصمة الأردنية عمَّان، حيث ألقى المفوض العام للوكالة (بيير كرينبول) كلمة ختامية، خاطب فيها موفدي الحكومات والجهات المُضيفة للاجئين الفلسطينيين (سوريا + لبنان + الأردن + قطاع غزة + القدس والضفة الغربية) وكبار الجهات الدولية المانحة إلى اجتماع اللجنة الاستشارية للوكالة، أشاد فيها بالعزيمة والإرادة اللتين تحلّت بهما الوكالة والمجتمع الدولي لدى معالجة "أكبر مأزق مالي للوكالة على الإطلاق" منذ قيامها عام 1949. فقدم المفوض العام للوكالة التحية لشركاء الوكالة العديدين الذين "ارتقوا إلى مستوى الحدث" للمساعدة في تقليل العجز الخانق بمبلغ 446 مليون دولار والذي كان عليه في بداية هذا العام ليتقلص العجز المالي إلى نحو 21 مليون دولار".
وانطلاقا من ذلك استطاعت الوكالة افتتاح مدارسها للعام الدراسي الجديد قبل عدة أشهر، والبالغ عددها (711) مدرسة تابعة لها في الوقت المُحدد، وهي المدارس التي تُقدم التعليم لأبناء نحو خمسة ملايين ونصف مليون لاجئ فلسطيني مُسجّل على قيود الوكالة من حلب شمال سوريا، حيث يقع مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين إلى مخيم رفح جنوب قطاع غزة.
حقيقة، إنَّ تجاوز الوكالة لأزمتها المالية للعام الجاري، تم بفعل الحركة النشطة والتنسيق المشترك بين الأطراف المعنية والاتصالات التي قادتها القيادة الفلسطينية وجامعة الدول العربية والدول العربية المضيفة للاجئين الفلسطينيين، والاتصالات التي قادها مفوض عام الوكالة (بيير كرينبول) وتواصله مع الأمين العام للأمم المتحدة والدول المانحة والمنظمات الدولية، حيث أدّت إلى تجاوز الأزمة المالية وتغطية العجز المالي الناجم عن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقطع مساهمة الإدارة الأميركية وتمويلها للأونروا للعام المالي الجاري.
في هذا السياق، إنَّ المرحلة القادمة، تتطلب من المجتمع الدولي، وجامعة الدول العربية، ومجموع الدول المانحة، ضرورة مساعدة وكالة الأونروا على عدم تكرار الأزمات المالية من خلال تخصيص مصادر ثابتة ودائمة للميزانية العامة للوكالة، وتأمين مصدر تمويل مستدام ثابت، وهي مسؤولية المجتمع الدولي بكل الحالات، كما من خلال مساهمة أكبر من الميزانية العامة للأمم المتحدة لتثبيت وإدامة مواردها المالية حتى لا تكون التبرعات الطوعية التي لا تُشكّل التزاما قانونيا على أحد، سيفا مسلطا عليها، وأن لا يكون مصير هذه المؤسسة الأممية التي تقدم خدماتها إلى ملايين اللاجئين الفلسطينيين مرتبطا بأهواء ورغبات بعض الدول، خصوصا في ظل استمرار المساعي الأميركية و"الإسرائيلية" لإنهاء وتفكيك الوكالة وإحالتها إلى التقاعد، كمدخل لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وإهالة التراب على حق العودة المحفوظ والمُصان بالقرار الدولي 194.
ونُشير في هذا الجانب، إلا أنَّ ضعف استجابة الدول المانحة للمناشدات الطارئة التي أطلقتها وكالة الأونروا في مطلع العام الحالي 2018، لجمع 800 مليون دولار لتقديم المساعدات الطارئة للاجئين الفلسطينيين في سوريا والأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقطاع والقدس يضاف لها خمسون ألف لاجئ فلسطيني من سوريا كانوا قد نزحوا إلى لبنان والأردن، قد أثَّرَ على طبيعة الخدمات الطارئة المقدمة للاجئين الفلسطينيين، وضاعفت من مأساتهم الحياتية في مخيمات الخيام على الحدود، أو في مراكز الإيواء، وأثَّرَ أيضا في الوقت ذاته أمام تحرك وكالة الغوث الدولية لإعادة ترميم منشآتها للقيام بمهامها في تقديم خدماتها للاجئين في المخيمات الفلسطينية في سوريا وفق ما أشار إليه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دائرة اللاجئين الدكتور أشرف أبو هولي في كلمته الموثقة أمام اجتماعات اللجنة الاستشارية في العاصمة الأردنية عمَّان.
لذلك، إنَّ الدول المانحة والمجتمع الدولي ومؤسساته، مدعوة للمزيد من تحمّل المسؤولية تجاه وكالة الأونروا لوضع حد لمعاناة اللاجئين الفلسطينيين وإعادة إعمار المخيمات في سوريا ولبنان وخصوصا مخيمي نهر البارد واليرموك وإعادة تأهيل مرافق الخدمات وبنيتها التحتية المدمرة، وخصوصا مدارس الوكالة، واتخاذ خطوات فورية لمنع المزيد من التدهور في جميع حقول عمل الأونروا إلى أن يتم الوصول إلى حل نهائي وناجز لقضية اللاجئين الفلسطينيين من خلال عودتهم إلى ديارهم وأراضيهم التي هجّروا منها عام 1948 وفقا للقرار الأممي الرقم 194 لعام 1948.
إنَّ إعلان المفوض العام لوكالة الأونروا (بير كرينبول) خلال مؤتمر اللجنة الاستشارية في الأردن أنه تم تجاوز أزمة التمويل الخانقة التي نجمت عن قرار الإدارة الأميركية وقف تمويلها للأونروا، يجب أن يكون حافزا لها لسرعة التراجع عن إجراءاتها التقشفية الأخيرة، فلا يوجد الآن أي سبب يمنع استمرارها، والتي فرضتها تحت مبرر الأزمة المالية من تقليصات في الخدمات، وخصوصا المساعدات العينية والمالية للاجئي فلسطين في سوريا وقطاع غزة، وإنهاء تعاقد مئات الموظفين، وذلك بعد تجاوز الأونروا أزمتها المالية. وعليه، إنَّ على وكالة الأونروا العدول عن كافة القرارات والإجراءات التقشفية التي اتخذتها في حزيران/يونيو 2018 من العام الجاري، كأحد التدابير للخروج من أزمتها المالية.
أخيرا، إنَّ المرجعية القانونية والسياسية التي تُحدد عمل ومهام وكالة الأونروا هي قرارات الأمم المتحدة، وبخاصة قرار قيام وإنشاء الوكالة الرقم (302) لعام 1949 والذي يُحدد ولايتها، وهنا يتوجب الحذر من محاولات إنهاء دور الوكالة من خلال تجفيف مواردها المالية ونقل صلاحيتها لأي منظمة دولية كالمفوضية العليا للاجئين. وهذا يفترض على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وخصوصا العربية والإسلامية، إحباط المسعى الأميركي "الإسرائيلي" الداعي لتغيير التفويض الممنوح للأونروا الذي ينتهي في أيلول/سبتمبر 2019 والذي يُشكّل تحديا للجميع من خلال إعادة تجديد التفويض الممنوح لها بالقرار 302، حيث ينظر اللاجئون الفلسطينيون إلى عمل وكالة الغوث كجزء من وفاء المجتمع الدولي تجاههم، وعنوانا لاستمرار قضيتهم في جانبها السياسي، إلى حين عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها عام النكبة طبقا لما ورد في القرار الأممي الرقم 194 للعام 1948.