[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedsabry.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]احمد صبري[/author]
إن صحة العراقيين في خطر وما يفاقم هذا الخطر هو تدني التخصيصات المالية لوقف تداعياته, فحصة الفرد العراقي في الميزانية العامة لا تكفي لشراء احتياجاته من الدواء، خصوصا المصابين بارتفاع ضغط الدم والسكري، فما بالك بمرضى الأمراض المستعصية.

بعيدا عن أزمة تشكيل الحكومة العراقية والجدل الحاصل حول شراء المناصب الوزارية وما خلفته السيول والهزات الأرضية وتفاقم ظاهرة الفساد، فإن صحة العراقيين معتلة وفي تدهور مستمر من دون أمل باهتمام حكومي وبرلماني لوقف هذا التدهور في صحة العراقيين الذين ضاقوا ذرعا بوعود تتبخر عند نهاية تشكيل أي حكومة على مدى السنوات الماضية.
وما يفاقم الوضع الصحي ما كشف مؤخرا عن تدني حصة الفرد العراقي من المبلغ المرصود بالموازنة المركزية للعناية بصحته مقارنة بما هور مرصود للفرد في دول لا ترتقي ميزانيتها إلى حجم الموازنة العراقية.
وطبقا للتصنيف العالمي فإن العراق يقف في ذيل قائمة الدول التي تهتم بصحة أبنائها نظرا لضآلة المبلغ المخصص لهذا الغرض؛ فالدول التي تهتم بتوفير الرعاية الصحية لمواطنيها ترصد المبالغ الكبيرة من موازنتها للقطاع الصحي باعتباره لا يقل شأنا عن قطاعات الدفاع والأمن والاقتصاد، لا بل إن بعض الدول تقدم الرعاية الصحية على سواها؛ لأن سلامة الفرد وعافيته وتحصينه هو عامل قوة للمجتمع.
إن صحة العراقيين وتوفير الرعاية لهم وضمان ديمومتها تقف في آخر قائمة أولويات الطبقة السياسية التي انشغلت بالخلافات وبمصالحها، ونسيت أن أبناء جلدتهم وحاجتهم للرعاية الصحية تتقدم على سواها نظرا لما أصابهم من ويلات جراء الحصار والحروب، وفشل القائمين على الحكم في تأمين الرعاية الصحية لهم.
وعزوف الطبقة السياسية عن الاهتمام بالقطاع الصحي وتوفير الرعاية الصحية لمواطنيها لم يقتصر على ذلك، وإنما تعداه إلى إخفاقهم في منع دخول الأدوية المغشوشة وفاقدة الصلاحية للأسواق العراقية والتي تذهب لبطون محتاجيها، ما زاد معاناة الباحثين عن الدواء، فضلا عن فقدان المؤسسات الصحية للمستلزمات الطبية التشخيصية، ما دفع آلاف العراقيين الذين يعانون الأمراض اللجوء إلى دول الجوار العربي والإقليمي لمعالجة أوضاعهم الصحية.
إن صحة العراقيين في خطر وما يفاقم هذا الخطر هو تدني التخصيصات المالية لوقف تداعياته, فحصة الفرد العراقي في الميزانية العامة لا تكفي لشراء احتياجاته من الدواء، خصوصا المصابين بارتفاع ضغط الدم والسكري، فما بالك بمرضى الأمراض المستعصية.
وما يدعو للقلق عزوف أصحاب الشأن عن معالجة الآثار الكارثية التي أصابت القطاع الصحي وانعكاسه على صحة الإنسان وتحصينه من المرض، الأمر الذي يستدعي معالجة جادة لإعادة النظر في أولويات توزيع الأموال على القطاعات الحكومية لرفع نسبة التخصيصات للقطاع الصحي لترتقي إلى حاجات العراقيين للرعاية الصحية كحاجتهم للأمن والاستقرار والغداء.
فالعراق الذي تهدر أمواله من قبل حيتان الفساد ومبددي المال العام، وتذهب إلى غير مقاصدها طبقا لتصريحات هيئة النزاهة، وهذه الأموال وغيرها التي طالتها أيادي اللصوص والعابثين بالمال العام كانت كفيلة بتأمين نظام صحي عصري للعراقيين، وتحصين المجتمع من فيروساتها، ناهيك عن تدني مستوى المعيشة إلى حد إفقارهم.
إن الأموال التي سرقت وأهدرت وذهبت إلى غير مقاصدها منذ غزو العراق واحتلاله كانت كافية لمنع تسلل الأمراض إلى المجتمع وتحصينه، وحافظت على صحة العراقيين، وساهمت في بلورة نظام صحي عصري يضاهي حتى الأنظمة الصحية في الدول المتقدمة، ويضمن التأمين الصحي لجميع العراقيين.