أصداف: من يوميات يهود العراق
ومن أهم تلك النقاط ما يدعيه المؤرخون اليهود من أن وجودهم في أرض العراق كان منذ زمن إبراهيم الخليل، ويفند هذا الرأي العلامة د. أحمد سوسة الذي يقول (إن اليهود ظهروا في العراق أول مرة في عهد الآشوريين في أواخر القرن الثامن وأوائل القرن السابع قبل الميلاد وذلك عندما (سباهم) الآشوريون ونقلوهم إلى بلاد آشور كأسرى أي بعد عصر إبراهيم الخليل بألف ومائتي سنة وبعد النبي موسى بستمائة سنة. (د. أحمد سوسة ملامح من التاريخ القديم ليهود العراق ص16).
وقبل أن نسترسل في سرد قصة تاريخ الوجود اليهودي في بابل، لا بد من التوقف عند نقطة مهمة، فتذكر التوراة التي هي المصدر الأساسي التي تروي ما حصل لليهود في زمن نبوخذ نصر (597 قبل الميلاد وما قبلها)، أن ما تسميه (بالسبي) الأول قد أفضى إلى جلب جميع القادة والمحاربين والحدادين المهرة، ولم يتبقَّ هناك إلا القلة من اليهود، ثم نجد وخلال إحدى عشرة سنة، يعيد (صدقيا) تكوين الجيش وتسليحه ويصل إلى درجة أنه يعقد تحالفات مع المصريين لمقاتلة الملك البابلي الكلداني القوي نبوخذ نصر، ولا شك أن إعادة تكوين الجيش وتسليحه ضمن الظروف التي كانت سائدة آنذاك، ليس بالأمر السهل، خصوصا إذا ما تذكرنا أن البابليين لم يبقوا على شيء مهم سنة 597 ق.م، ولكن أفضت المعركة الثانية إلى جلب 50 ألفا من اليهود ومعهم العائلة المالكة، وهذا الأمر يحتاج إلى دراسة أوسع وبالاعتماد على الوثائق المستخلصة من الاكتشافات الآثارية، ورسم الصورة الحقيقية عما حصل خلال تلك السنوات الإحدى عشرة وفي الحقبة التي حكم فيها نبوخذ نصر.
بعد كل هذا التاريخ الطويل يغادر اليهود ويلقون نظرة وداع لبغداد ونهر دجلة.