[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
حتما ستفشل أستانة 11 لكنها كانت ضرورية، لا بد من كلام كبير بحق من يستبيحون الأرض السورية ويظنون أنها سائبة .. ليس هنالك عجز سوري عن إخراج هذا الجمع المحتل لأراضيها، هي تملك كل المقومات التي تمنحها قوة طردهم. وأما تلك "المعارضة" فهي تأتي كي لا تأتي، تحمل عقلا لم يتحرك ولم يدخل عليه أي تطوير مفاهيم، ما تريده خلال كل الأستانات وغيرها توقف عند جمل واحدة لا غير.
بشار الجعفري قال كلاما صريحا عن تركيا وعملية التتريك التي تقوم بها حيثما تتواجد قواتها .. أعمال أكثر من عدوانية، من يدخل لغته إلى التعليم كأنما يعيد تربية جيل جديد لا علاقة له بالمكان الأصلي. هي مستفيدة من فعلتها في لواء اسكندرون الذي تم تتريكه منذ العشرينيات، قدمته فرنسا هدية، من المؤسف أن لا تشغلنا تلك البقعة العربية السورية التي سبقت نكبة فلسطين، تلك القضية التي تحتفل كل يوم بجديد يصب فيها، كان آخر ما صار، أن محطة "سي أن أن" الأميركية قامت بطرد مراسل لها كونه طالب بمقاطعة إسرائيل .. ما أشطرهم حين يتحدثون عن الديمقراطية، وعندما تصل المسألة إلى إسرائيل يتغير الكلام ويتبدل، وتصبح للمفاهيم حكايات جديدة وتصرف آخر مختلف.
دائما منطقتنا العربية مشغولة بحالها، يومياتها مليئة بالتطورات التي يتجدد بعضها فيما تدخل ما لا يخطر على بال حديقتها التي اقتلعت منها الورود فصارت مزينة بالشوك. هذا الشوك زرع حول رأس السيد المسيح، من أجل المزيد من إيذائه، هذا السيد هو أول فدائي من منطقتنا طارده اليهود والرومان على حد سواء.
أشياء كثيرة تتغير في منطقتنا، فبعد المؤامرة على سوريا صار هنالك واقع جديد، هو بدأ منذ احتلال العراق من قبل الأميركي ولم ينتبه أحد إلى أن الأميركي أراد تصفية العراق وحوله، فكانت سوريا الهدف الأكبر، صحيح تم احتلال مباشر للعراق، لكن المقصود كان سوريا، ولأنهم أرادوا إسقاط سوريا، فقد توقعوا أن يصلوا إلى المقاومة اللبنانية فينتهون من وجودها، وعندها تتغير المنطقة كما يريدون، فالمخطط ليس جديدا، إنه من زمن ويتجدد مع الوقت، لدى المتآمرين مرونة دائمة في استحداث الوقائع التي تلزمهم من أجل تحقيق غاياتهم، لكنهم عندما يعجزون كما حصل مع سوريا، يغيرون ويبدلون لأنهم ثابتون على الأصل الذي يكررونه ولو بأشكال مختلفة. لهذا أسقطوا عبد الناصر 1967، وصدام حسين، ومعمر القذافي، وحين دخلوا سوريا من أبوابها الجهنمية، كانت آمالهم أنهم وصلوا إلى المبتغى ولسوف تأفل الستارة على مشهد الشرق الأوسط القديم، لأن الجديد منبعث حتما.
ما يجري أمامنا من مشاهد، هي الوجه الخفي لما هو متوفر في خزائن المتآمرين .. تجرية الأتراك الحالية في المناطق التي يتواجد فها قواتها بعيدة المدى، والأميركي يختبئ وراء الأكراد لغايات مفهومة، والإسرائيلي مشوش متأزم كونه يريد حربا لكنه لا يستطيع طالما أن عدوه ليس سهلا ولن يكسر .. ومن الواضح أن الرئيس بشار الأسد ما زال على رأس الصراع، والعراق تحيا فيه ثوابته المعروفة، والمنطقة بشكل عام لم تعد بحيرة أميركية والأميركي يعرف بواقعية أن زمنه فيها لم يعد له وحده، وأن كتابة التاريخ الشرق أوسطي ستكون عناوينها مستمدة من هذا المشهد الذي يزعجهم لكنهم مجبرون على تقبله هم ومن معهم.