من غير المنطق أن يتم التطرق في قضايا تربوية أبجدية اتسمت بها الأنظمة التعليمية العالمية منذ مئات السنين ووضعت الحلول المناسبة والناجعة لها من خلال مشاهدتنا في التقارير التي تبثها الفضائيات في كيفية التعامل مع مثل هذه القضايا التربوية، ونحن مازلنا نتباحث في قضايا تربوية من المفترض نحن أيضا قد تجاوزناها بكثير، وكيف لا يكون قد تجاوزناها ونحن في الألفية الثالثة بمعطيات وأفاق جديدة في التغيرات الاجتماعية والاقتصادية ونعول على "جيل الغد" الكثير في تحمل المسؤولية في مسيرة التنمية بالبلاد ولن يتم ذلك إلا من خلال تهيئة كافة المقومات الداعمة لهذه القضايا الجوهرية التي تتعلق بصحة وسلامة الطلبة ومدى اكتسابهم لعملية التعلم في ظروف صحية أمنه، ولكن مازال واقعنا التربوي بهمومه المتنوعة يعاني في توفير المعطيات المناسبة من خلال أن الواقع المستنتج من الميدان التربوي أن مدراء ومديرات المدارس والمشرفين على الجمعيات التعاونية في كثير من اللقاءات التربوية والاجتماعات يؤكدون أن نسبة الشراء من الجمعيات التعاونية بالمدارس من قبل الطلبة لا تتجاوز نصف أعداد الطلبة في مدارسهم، أي بمعنى أن نصف الطلبة الأخر يقضون أوقاتهم بدون وجبات طوال اليوم الدراسي الطويل"ست ساعات" لظروف أسرهم القاسية وخاصة من ذوي الدخل المحدود والمتوسط والمتقاعدين القدماء نظرا لرواتبهم المتهالكة فإذا هذه النتيجة التي يحتم الواجب علينا تقصيها وتنفيذها من خلال وضع الحلول المناسبة لها، حيث تكمن المشكلة في طلبة لا يتناولون وجبات طوال اليوم الدراسي، وبالتالي كيف يتحملون هؤلاء هذا العبء! ومن غير المنطق أن نتجاهل هؤلاء الطلبة في الوقت الذي يجب أن نسعى في أن تكون هناك حلول ومنافذ تسعى وزارة التربية والتعليم مع القطاع الخاص في التعامل مع هذه القضية بمنظور إيجابي وجدية أكبر لكونها تشكل عائقا يحد من التركيز وبعدها يؤثر على المستوى التحصيلي المرتبط بالأهداف والمحصلة العامة من العملية التعليمية وكذلك أيضا من المؤسف أيضا مازلت الصورة الذهنية العالقة في الأذهان منذ حقبة السبعينيات، وهي طلبة في الفسحة المدرسية يتدافعون في طوابير تضم عشرات الطلاب بمنتصف النهار أمام الشبابيك وأمامهم معلمين بعصيهم يحاولون تنظيم هذا التدافع، وكذلك ثقافة "خبز وجبن وبطاطس وعصير" التي مازلت إلى وقتنا الحالي يتناولها أبنائنا الطلبة، وهذا هو واقعنا في الفسحة الدراسية، وهذه هي هواجسنا وآلامنا ولابد من التعامل معها بمزيد من الشافية والمصداقية بهدف التغيير والتطوير ويبقى الهاجس الأكبر كيف نغيره؟ وكيف نطوره؟ ومتى سنغيره؟ وكيف سنطوره ومن هنا نتساءل متى ستكون هناك قاعات مكيفة بها طاولات وكراسي مخصصة ومغاسل ومناشف مخصصة لهذه الوجبات؟ ومتى ستكون هناك وجبات مجانية لكافة الطلبة؟ ولابد أن نبدأ لكون الواقع الحالي مؤلم جدا"طلبة في مقبل العمر لا يتناولون وجبات" ولتكن البداية مع حلقة التعليم الأساسي الأولى كتجربة في توفير وجبات مجانية لهم ، أضافه إلى قاعات مزودة بكافة المتطلبات الأساسية لهذه الوجبات.
ومن هنا نناشد وزارة التربية والتعليم بمشاركة مع القطاع الخاص بمختلف المناطق التعليمية المساهمة في وضع الحلول الناجعة في توفير منافذ في مثل هذه القضايا من أجل توفير هذه الوجبة الصحية لكون اليوم الدراسي طويل وظروف بعض الأسر المادية قاسية نظرا قد يكون في بعض الأسر أكثر من ستة طلبة بمختلف الأعمار وخلال فستحين .. فبلغة الأرقام دعونا نفترض أن أسرة يبلغ عدد الملتحقين معها في المدارس ثمانية طلاب من الجنسين ، وكل طالب سيتقاضى أقل ما يمكن ثلاثمائة بيسة، ليكون المصروف في اليوم الواحد ريالين وأربعمائة بيسة بمجمل شهري "اثنان وخمسون ريالا وثمانمائة بيسة" كمصروف شهري، قد تكون هناك أسر قادرة ،ولكن أيضا بالمقابل هناك أسر غير قادرة على تلبية متطلبات هذه المصاريف وفي الختام متى نكسر هذا الصمت بخصوص هذه الوجبة المجانية لكون جل الأنظمة التعليمية التي تبنت نظام التعليم الأساسي تطبق الوجبة المجانية في المدارس، فإذا أصبحت الوجبة المجانية ضرورة تحتمها الظروف وكذلك أسوة بالأنظمة التعليمية التي تبنت نظام التعليم الأساسي .

حمد بن سعيد الصواعي
[email protected]