[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/khamis.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]خميس التوبي[/author]
في الوقت الذي يصم آذان المنطقة صخب الطائرات والأساطيل التابعة للغرب الإمبريالي الاستعماري، وفي الوقت الذي يرعد فيه مسؤولو الغرب الاستعماري ويزبدون بتصريحات التهديد والوعيد لصنيعته الإرهابية المسماة "داعش"، كان معبر القنيطرة بالجولان السوري المحتل يرسل الإشارات الدالة على الكذب والنفاق وعدم المصداقية لذلك الصخب وتلك التصريحات، وذلك حين التقت "الدواعش" المتمثلة في جيش الاحتلال الصهيوني وما يسمى "جبهة النصرة" و"الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) وغيرها عند الحدود السورية ـ اللبنانية، وعند معبر القنيطرة بالاعتداء على قوات الفصل الأممية "الأندوف" واختطاف ثلاثة وأربعين جنديًّا، مشكِّلةً "تلك الدواعش" رمحًا إرهابيًّا ليس بوجه سوريا المكافحة لآفة الإرهاب، وإنما بوجه دعاة "التحالف الدولي الواسع" لمحاربة الإرهاب، وبوجه المصوتين على القرار الأممي 2170 لمحاربة الإرهاب وتحت الفصل السابع.
طبعًا هذا اللقاء "الداعشي" ليس جديدًا ولا سابقًا لأوانه، كما أنه ليس طارئًا، وإنما هو علاقة عضوية ناتجة عن زواج غير شرعي وسفاح، علاقة لها جذورها وامتداداتها ولديها أسباب التعمق والامتداد، فكيان الاحتلال الصهيوني وتلك التنظيمات الداعشية هما وجهان لعملة إرهاب واحدة تلتقي نحو هدف واحد، وإن اختلفت في الشكل إلا أنها متفقة ومنسجمة في المضمون، وقد بدا ذلك من خلال التبادل المعلوماتي وتقديم الاحتلال الصهيوني كل ما يلزم من دعم لوجستي إلى تلك التنظيمات الإرهابية من سلاح وعتاد وعلاج وتوجيه معلوماتي ودعم سياسي واستخباراتي منذ نشوب موجة الصقيع المسماة كذبًا وزورًا "الربيع العربي"، وكذلك من خلال تأكيد كيان الاحتلال الصهيوني أن لا قلق لديه من "دواعش الإرهاب" وأن العلاقة بينهما بمثابة رابطة دم وليس رابطة فكر وأيديولوجيا.
وفي أضحوكة هي أقرب الاستخفاف بالعقل وأمام هذا التأكيد بانتفاء القلق، حاول المتطرف بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني خلط الأوراق ومن ثم بعثرتها لتشتيت الانتباه إلى مدى الضلوع الصهيوني المباشر في ممارسة الإرهاب ودعم الإرهاب "الداعشي" في الجولان السوري وتسليمه معبر القنيطرة، حيث ضم نتنياهو حماس وحزب الله إلى قائمة تنظيمات الإرهاب التي يدعمها كيانه المحتل قائلًا إن "جبهة النصرة وحماس وحزب الله، المدعومين من إيران، والقاعدة وغيرها من المنظمات الإرهابية تخرق معايير السلوك الدولية في لبنان وسوريا وغزة"، وأن على الأمم المتحدة بدلًا من أن تهاجم وتنتقد كيان الاحتلال الإسرائيلي على جرائم حربه في قطاع غزة، أن توجه اهتمامها ولجانها ضد هذه المنظمات "الإرهابية". إن إطلاق مثل هذه المغالطات مفهوم القصد منه ولا يحتاج عناء تفكير، فالمستشفيات الميدانية وزيارة نتنياهو للعناصر الإرهابية في المستشفيات الإسرائيلية، تظهر مدى الكذب ومحاولة التلطي وراء تصريحات مخادعة ومغلوطة.
لا أحد يشك ـ منذ تبلور العلاقة بين الإرهابين الصهيوني و"الداعشي" وظهورها إلى السطح ـ في أن هناك توجهًا جديدًا لدى الغرب الإمبريالي الاستعماري وحليفه الاستراتيجي كيان الاحتلال الصهيوني نحو صناعة تنظيمات إرهابية وتوظيفها لخدمة المشروع الصهيو ـ غربي لإعادة رسم خريطة المنطقة لصالح كيان الاحتلال الصهيوني وديمومة المصالح الغربية، واستخدام هذه التنظيمات الإرهابية عصا لضرب وابتزاز دول بالمنطقة ترفض مظاهر الاحتلال والاستعمار. إلا أنه في تقديري أن توقيت تسليم كيان الاحتلال الصهيوني معبر القنيطرة للعصابات الإرهابية وخرق اتفاقية وقف النار بنزع الألغام لتسهيل مرور عناصر تلك العصابات من وإلى له دلالاته:
أولًا: إنه يأتي ردًّا على الهزيمة والانكسار اللذين أصابا كيان الاحتلال الصهيوني وتمريغ صورة "الجيش الذي كان لا يقهر" من قبل المقاومة الفلسطينية ودور الصواريخ السورية في ضرب "تل أبيب" وكسر معنويات الاحتلال وجيشه وصنع انتصار المقاومة.
ثانيًا: إن تحريك كيان الاحتلال الصهيوني لجبهة الجولان السوري المحتل وعودة التنسيق والاتصال بصورة مباشرة مع العصابات الإرهابية، يأتي بالتزامن مع تحرك الجيش العربي السوري نحو تنظيف حي جوبر في العاصمة دمشق من العصابات الإرهابية التي عاثت في هذا الحي فسادًا وجعلت منه حيين؛ حيًّا في أعلى الأرض وآخر في باطنها، واستهدفت من خلاله المدنيين الأبرياء والسائرين في شوارع دمشق والآمنين في منازلها بقذائف الهاون، والهدف من ذلك واضح وهو محاولة إرباك الجيش العربي السوري وتعطيل تحركه، والانتقام للعصابات الإرهابية المتمركزة في حي جوبر والمحاصرة فيه.
ولذلك ليس مثيرًا للدهشة والاستغراب أن تطالب التنظيمات الإرهابية كـ"جبهة النصرة" وأخواتها الخاطفة لعناصر من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بتعويض عن ثلاثة من إرهابييها قتلوا خلال المواجهات التي حدثت مع قوات حفظ السلام إلى جانب تقديم مساعدات إنسانية لسكان معقل لهم على مشارف العاصمة السورية دمشق ورفع اسم التنظيم من قائمة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية المحظورة. فمجرد السماع لهذه التنظيمات الإرهابية لا يعني اعترافًا بها فحسب، فكيف الحال حين يصل الأمر إلى التفاوض معها وتلبية طلباتها؟ وهو ما يؤكد القناعة بأن هذه التنظيمات الإرهابية هي صناعة صهيو ـ غربية، ويثبت أيضًا التأكيد الصهيوني بأن لا قلق ولا خوف من هذه التنظيمات الإرهابية وخطرها على كيان الاحتلال الصهيوني.