[author image="http://alwatan.com/styles/images/opinion/abdalahabdelrazak.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج [/author]
أما آن الأوان تشكيل هيئة وطنية رفيعة المستوى يناط بها تطوير وإدارة السياحة في محافظة ظفار؟ يكون لها رؤية واحدة واستراتيجية واحدة، ومتابعة تنفيذية واحدة، ومن ثم تتحكم في نتائجها النهائية، بدلا من الاجتهادات المتعددة لعدد من المؤسسات الحكومية التي تعنى بالسياحة، ويناط بها كذلك معالجة مجموعة قضايا سياحية كبيرة، مثل قضية التراكمات وقضية الأراضي السياحية غير المستثمرة والتي سلمناها كبار المسؤولين والمتنفذين، فقد خضنا تجربة التعدد، ونتائجها كشفها لنا خريف 2014م، ولا يمكن أن يستمر الوضع كما هو عليه، فالأيام تجري، فكيف سيكون الوضع في خريف عام 2015م إذا استمر كما هو عليه؟ وكل المؤسسات تجد نفسها الآن تحت ضغط مرتفع بعد الاستياء العام من تداعيات خريف 2014م، فكيف سيكون حجم الاستياء المجتمعي في خريف 2014م؟
لا بد من إحداث متغيرات وتحولات هيكلية وسريعة، فالأيام تجري، والرضا الاجتماعي عن الأداء المؤسساتي للمؤسسات السياحية في تدنٍّ، وإذا لم تأتِ المتغيرات والتحولات بنتائج ملموسة على الأرض وسريعا، فإن صلالة خاصة لن تتحمل حتى أبناءها .. هذه ليست مبالغة، وإنما استشراف لما قد يحصل في ضوء ما حدث في خريف عام 2014م، فالطريق الذي كنا نقطعه في عشر دقائق قد أصبح يكلفنا أكثر من ساعة، والحفر والتشققات قد أصبحت تذكرنا بدول تصنف في قائمة الفقراء، ويزيد من خلفية هذا التشبيه تحول مدننا وأحياءنا وطرقنا إلى برك ومستنقعات في فصل الخريف، ومعالمنا التاريخية كالبيوت مثلا قد تحولت إلى إطلالات بعد ما كانت تشكل ذاكرة الأمة، وكان ينبغي أن تشكل مزارات سياحية تدعم الاستدامة السياحية على مدار العام .. وشركة عمران التي أنشأتها الحكومة لتدعم القطاع السياحي قد أثقلها كبار المسؤولين بتوظيفات أقربائهم والمحسوبين عليهم، بحيث يتجه الآن معالي وزير السياحة إلى إعادة هيكلتها، فكيف ستتعاون يا معالي وزير السياحة مع التراث لتنشيط السياحة التراثية، وهذه الأخيرة لم تعمل حتى الآن على حفظ الأمانة التاريخية كاملة؟ وعندما نزور مرباط ونقف على أطلال بيت "سيدوف" أتساءل قائلا: أين هذه المؤسسات التي أنشأتها الدولة للحفاظ على ذاكرتنا؟ وعندما نرى أحياءنا القديمة في صلالة قد تحولت إلى سكنى الأجانب في أوضاع تنذر بالخطر الأمني والاجتماعي والصحي، أتساءل كذلك عن هذه المؤسسات؟ وعندما يعلم الكل أن بيوت الحافة قد تحولت إلى مأوى للحيوانات الضالة ولمتعاطي المشروبات المحرمة بعد أن هجرها سكانها بموجب نزع الملكية، نتساءل عن ثقتنا في حدوث التطور في ظل التعدد؟ متى؟ وكيف؟ من هنا لم يعد إنجاز حتى لو كان التلفريك والحديقة المائية التي تم الإعلان عنها مؤخرا بعد أن انكشف للكل ضعف الخدمات والمرافق السياحية عامة، وتردي وضع الطرق .. فقضية التطوير السياحي في محافظة ظفار لم يعد يصلح فيها الترقيات ولا المشاريع المنفردة ولا المنفصلة مهما كانت أهميتها، كتلفريك والحديقة المائية، وإنما التطوير الشامل والمدروس بعد انكشاف مجموعة إشكاليات جديدة فوق القديمة، وأعطتنا في خريف 2014م صورا مقلقة رفعت من حجم الاستياء العام للسائحين والعمانيين معا، فكيف بخريف عام 2015م (نكرر) إذا لم نسارع بتبني المنهج الشمولي للتطور السياحي؟
وإذا ما اكتفينا بمنهج التطور الجزئي "التلفريك والحديقة المائية، أنموذجا" ووفق رؤية حكومية واحدة وبصورة انفرادية، فإن ذلك سيخلق لنا أزمات جديدة أو سيعمق الأزمات القائمة أصلا، كيف؟ فإقامتهما في منطقة أتين السياحية والمكتظة بالخدمات والمرافق السياحية والاقتصادية، مثل مهرجان صلالة السياحي، والمقاهي، والمراكز التجارية والتخييم إضافة إلى جاذبية منطقة أتين السياحية بسهلها ووديانها وجبالها، فإن ذلك سيعمق أزمة الازدحامات والاختناقات سواء في المنطقة نفسها أو شارعها، فكيف ستكون الأزمة؟ اختناق المختنق، واستحالة المستحيل لزيارة الكثير من السائحين منطقة أتين والمهرجان، علاوة على الحفر والتشققات التي غزت شارعه بصورة مقلقة جدا، ومسألة ظهور البقع والحفر في الطرق الداخلية والخارجية قضية تطرح نفسها بنفسها، وكفى بها إحدى الإعاقات السياحية المهمة التي ظهرت خلال الخريف الحالي، فكيف بالوضع لو استمرت إلى خريف عام 2015م دون حل؟ والحل إذا لم يأتِ من الأمس وليس اليوم فكيف بالغد، فسوف تكون هناك أزمة حقيقية، وهذا ما ينبغي لفت الانتباه إليه، والتساؤل الأهم هنا: كيف تظهر الحفر والتشققات وتآكل الطبقات الإسفلتية على طرقنا الآن؟ هذا يطرح منذ الوهلة الأولى مسألة الجودة وتحديدا تطبيق المواصفات خلافا للمواصفات التخطيطية، وقد أصبحنا نرجح هذا الاحتمال بعد ما كشفه معالي وزير السياحة مؤخرا، وذلك عندما قال إن كثيرا من المشاريع القائمة لا تراعي المخططات التي تمت الموافقة عليها، وأردف قائلا "إن المخطط كان رائعا لكن الواقع مخالفا عنها"، وربما علينا أن نضيف كذلك سببا آخر ومهما جدا، وهو يكمن في الشاحنات العملاقة التي تحمل أثقالا وحمولات متعددة ومتنوعة منها ما هو مرئي كالأحجار الجبلية والمعدات الثقيلة ومنها ما هو غير مرئي أي أن حمولتها تكون دائما مغطاة، ويكون خط سيرها من الميناء إلى ثمريت، وهي تكون على شكل قوافل من الشاحنات الليلية التي أمامها وخلفها عربات للشرطة، فهل سيتم إقامة التلفريك والحديقة المائية في ظل وضع هذا الطريق وازدحامات المنطقة؟ وهنا، يكمن أهمية المقاربة الشمولية للتطوير، بحيث ينبغي أن تخرج مثل هذه التطورات من رحم هذه الرؤية لا منفصلة عنها، وهذا لن يتأتى إلا في ظل وحدة السلطة ووحدة التخطيط والتنفيذ، فكيف سيكون لبلدية ظفار استراتيجية ولوزارة السياحة استراتيجية، فأين الوحدة التي نراهن عليها؟ ففي التعدد المؤسساتي تشتيت للجهود ونتائجه تكون مبعثرة هنا وهناك، وسوف يترتب عنها تداعيات رغم أنها إيجابية، لأنها تكون بمعزل عن رابط الرؤية التخطيطية المتكاملة والمتناغمة. وهنا نقترح تشكيل الهيئة الوطنية للتطوير السياحي برئاسة معالي وزير الدولة ومحافظ ظفار وسعادة النائب وعضوية بقية المؤسسات التي لها علاقة مباشرة بقطاع السياحة كبلدية ظفار ووزارة النقل والاتصالات .... إلخ.. على أن يتم تزويدها بأطر وكفاءات مهنية ومتخصصة تختار بعناية لا بمحسوبية، وبهذا نضمن وحدة السلطة ووحدة الرؤية وتكاملية النتائج على أن تشكل لجنة مماثلة وبالصفات نفسها لمتابعة التنفيذ. ومقترحنا هذا، ينبغي أن لا يسقط مطالبتنا معالي وزير الدولة ومحافظ وظفار بتقييم الوضع العام في ظفار وإعادة تخطيط صلالة من مختلف مناحيها، لأن ذلك مطلب وطني وعاجل؛ أي فوري، وينبغي أن تشكل نتائجه مرجعية لعمل اللجنة المقترحة .. للموضوع بقية.