[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
عديد من الكتاب العرب كتبوا عن الواقع العربي وعن انهياراته وتوصل البعض إلى الحقيقة، فيما البعض الآخر كشف عن حس انتقامي .. هنالك ما يشبه الاتفاق عند الجميع بأن الأمة ليست بخير، أزمتها عميقة، مستقبلها في خطر، واقعها على حافة قضية وجودها .. فهل يعقل مثلا أن تتحكم بالأمة كل القوى الكبرى وأن ترهن حالها لها، بل أن يتحكم شاب صغير بعمر الخامسة والثلاثين بقضية الأمة المركزية وهي فلسطين، وهو جاريد كوشنير كونه من طرفين مؤثرين، الرئيس ترامب والد زوجته، ثم هو يهودي، وكما قال ترامب وكرر أنه يعتز كون حفيدته من أصل يهودي.
يقول الشاعر العربي "من يهن يسهل الهوان عليه"، لا أريد إكمال بقية السطر المؤلم في أبعاده، إذ ما زال لدى أمتنا مخزون كبير من القوة النفسية ومن الصبر على الملمات ومن التأكد بأنه ليس هامشيا في واقع تقرير المصير فهو بالتالي لم يمت بعد.
لعبت النكبة الفلسطينية بالحياة العربية وهي التي أوصلت الأمة كلها إلى هذا الحال وتفرعاته. ثم جاءت الهزائم المتتالية أمام إسرائيل، لتقول الحقيقة، إن هزيمة تلك النكبة كانت في أساس العربي، ولذلك انهزم العرب في المعارك اللاحقة أمام إسرائيل ولم تربحها بقوتها.. لكن المفارقة التي حدثت لاحقا، أنها لم تتمكن من الانتصار على مقاومة متواضعة السلاح، وأنها بالتالي كمؤسسة عسكرية بالدرجة الأولى ما زالت مترددة وستبقى في اعتماد خيار حرب جديدة ضدها.
ينهار العرب إذن لأنهم لم يكتشفوا الطريقة التي اكتشفتها المقاومة اللبنانية، ولأنهم خرجوا على توحدهم، ولأنهم ضربوا عرض الحائط كل ما وقعوه من أجل واقعهم، بل هي خلافاتهم العميقة سطرت فكر الهزيمة .. من المؤسف أنهم لا يملكون حريتهم في اختيار الطريق المؤدية إلى قطع رأس الأزمات المتتالية عليهم، رغم امتلاكهم للمال الوفير وللخامات التي يحتاجها العالم، وللموقع الجغرافي الاستراتيجي، إضافة لما هو فاعل في طاقات شبابهم الذي يتمتع بكفاءات عالية ومواهب لا تعد.
عديد هم الكتاب الذين حرصوا على انتقاد الواقع العربي من أجل التأشير على الأسباب، وهي جهنمية بالطبع كما قلنا .. كان يجب على قضية فلسطين وحدها بكل خصائصها المحركة، أن تدفع الأمة إلى تجاوز حالها وانقساماتها، ولو تحقق هذا الأمر لما عاشت إسرائيل بيننا، ولما فرّخت النكبة نكبات، والأزمة أزمات، والمصيبة مصائب، ولما تمكنت حتى الولايات المتحدة بكل قوتها وجبروتها من اللعب بالمصير العربي وتحقيق مصالحها على حسابهم وحساب شعوبهم وأجيالهم.
هذا الشاب الصغير كوشنير حمّله ترامب قضية ناء تحتها جهابذة وعمالقة، فكيف يمكن أن تكون عليه قضية فلسطين سوى أن مهمته في أساسها من أجل إنهائها وشطبها، وإن كانت قراءاتي ومعرفتي بأن ليس من قوة على وجه الأرض يمكنها ذلك، بل إن أحد القياديين الفلسطينيين أكد لي أن ليس هنالك من فلسطيني يملك الحق أو المقدرة أو القدرة في التوقيع على أي صفقة تؤدي إلى سقوط نهائي للقضية الفلسطينية.
قال الصحافي المصري الراحل محمد حسنين هيكل إنه يجب أن نعرف من هو العدو الحقيقي للأمة، كي نسلك الطريق المؤدية إلى الصراع ضده .. لكن الأمة بكل أسف ما زالت قاصرة عن هذا التحديد، وهي بالتالي مجزأة ومنقسمة على نفسها وليس هنالك ما يبشر بالخير.