[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
مفرح عربيا أن يتصدر المغرب قائمة الدول الملتزمة والمنتظمة في إجراءات الإصحاح البيئي، والتوسع في استخدام الطاقة النظيفة في موازاة استخدام الطاقة الأحفورية.
لقد جاء ترتيبه ضمن هذه الصدارة بعد السويد في تلك القائمة، ومع أن التقرير الدولي الخاص بذلك تناول بعض التباطؤ في إجراءات هذا البلد العربي، لكن الوضع يمكن للمغاربة أن يتجاوزوه في خطوات كفيلة بأن تحافظ بلادهم على هذا المركز المشرّف حقا في ظل تعامٍ عربي بعضه عن جهل في الانتباه إلى المخاطر البيئية الشديدة التي باتت تهدد العديد من مناطق الوطن العربي.
ففي البر يتواصل الزحف الصحراوي بمعدل خمسة كيلومترات سنويا، وفي البحر لم توضع ضوابط حتى الآن للحد من تلوث المياه، وبالأخص مياه الشواطئ وما يتبع ذلك من خسائر جسيمة في الثروة السمكية، ويكفي للدلالة على ذلك ما تجرفه الأمواج من أسماك وأحياء بحرية أخرى نافقة من دون أن يؤخذ بالاعتبار الحماية الاقتصادية والقانونية للبيئة البحرية.
إن المسؤولية البشرية في الاستخدام الضار لموجودات البيئة هو أحد الأسباب الأساسية للتلوث، ويندرج ضمنه التلوث بمياه الصرف الصحي وتلويث الهواء، والتعامل البدائي مع النفايات والأنقاض ومخلفات الطعام وقلع الأشجار وتجريف الأراضي العشبية وأساليب الحرق المكشوف واستخدام الأكياس البلاستيكية، وكل المظاهر المتخلفة في قضاء الحاجات الجسدية، وهنا لو أن مسؤولا عربيا واحدا أخذ بأولويات رئيس وزراء الهند (ناريندرا مودي) في برنامج حكومته (بناء المراحيض قبل بناء المعابد) لقامت الدنيا عليه ولن تقعد.
إن ما هو لافت في كل ذلك وعلى وفق دراسات دقيقة يتبين أن التزام الإنسان بشروط الإصحاح البيئي يرتبط ارتباطا وثيقا بالصحة التي هو عليها، وهكذا من الحتمي أن يسقط في اختبار أسبقيات يجب أن يعتمدها عندما لا ينتبه إلى حاله وإلى ما يحيط به، وتصح المقارنة هنا على البيئة وعلى الأشخاص القريبين منا، فبهذه الجزئية بالذات أجمعت دراسات أننا لا ننتبه إلى أحوال أشخاص تعصف بهم شدائد نفسية رغم أنهم على صلة بنا، وكان يجب أن تكون لنا رعاية نفسة لهم قد تحول دون إقدامهم على الانتحار، ولنا في معلومات موثقة أن نسبة الانتحار بين النساء من ربات البيوت هي الأعلى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نتيجة الانقطاع اليومي الواسع عن تواصل أفراد العائلة معهن، وعدم الانتباه إلى الكلفة الإرهاقية التي تغذي تلك الاشتدادات النفسية (عواصف الذات الإنسانية)، فلقد نبّه المفكر الألماني ايريك فروم إلى ذلك بوصف هذا الاشتداد أحد محفزات الانتحار.
نحن بخلاصة دقيقة، نعاني متلازمتي الهدر والإهمال، وهما من أخطر معوقات التنمية البشرية المستدامة، أي التنمية التي تقوم على رعاية البيئة والصحة النفسية والتصدي إلى مخاطر الإمعان اليومي في البخل الحياتي العام بذرائع ضحلة حقا وغير مقنعة.
هناك ملاحظة ينبغي أن تكون في يقيننا وهي أن الهدر نتاج البخل ليس إلا في أغلب معاييره، وبالإمكان اكتشاف ذلك من حقيقة اجتماعية واقتصادية تفيد أن البخلاء يعتمدون التقتير الضاغط، وتلك صفة من أسباب الهدر؛ لأنه يأتي على حساب موجبات حياتية لا يمكن التنصل عنها، خصوصا تلك التي تلحق ضررا بالمحيطين بنا، بشرا وبيئةً، ويأخذ هذا الضرر مجالاته المؤلمة في المناطق الحضرية ذات الحاجات المعقدة مما يفقدها منطق الترشيد الصحيح.
وبخلاصة إضافية نحن نفتقر إلى ما يمكن الاصطلاح عليه سماحة العيش الهادئ والمتزن الذي يأخذ بالاعتبار مستحقات التضامن مع ما يحيط بنا، ونكون عندها قد ربحنا فرصة الامتناع عن رمي الحجر في البئر الذي نشرب منه.