[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
سافر صديقي الطبيب إلى الصين بناء على دعوة من إحدى الوزارات، ويوم عاد كان متحمسا لدراسة اللغة الصينية بعدما ذهل من التقدم الصناعي والإلكتروني والاجتماعي الصيني، وهذا ينم عن عمق في الثقافة الصينية التي هي مرجع الذاكرة لكل صيني .. فهذا الشعب بتعداده الكبير مؤمن بلا نقاش، أن هنالك قوة في الحضارة الصينية تجعل من حضوره اليوم قيمة كبرى في العالم.
كان صديقي مندهشا مما رأى، وبالتطور السريع الذي يواكب الصينيين في مشوارهم العملي الذي بز كل الآخرين، وهو ما تخافه الولايات المتحدة وتحتاط منه .. المهم أن الصديق لعله وجد ضالته في تعلم اللغة الصينية التي هي لغة المستقبل بدون شك، تماما كما يفعل الكثير من السوريين الذين تسجلوا لدراسة اللغة الروسية، فهي مستقبل مؤكد في الواقع الاجتماعي والعلمي والعسكري والإنساني بين روسيا وسوريا، ويقال إن هنالك سبعة وعشرين ألف سوري تسجلوا لتعلم اللغة الروسية والاستفادة المؤكدة منها في المستقبل.
ثم إن الصين وروسيا تعملان تحت سقف واحد، وهي استفادة بلا شك من المناخ الاشتراكي القديم المشترك، رغم اختلافهما في مفاهيم سياسية آنذاك، لكن تظل روسيا الأكثر قبولا للصين والعكس هو الصحيح.
منذ أكثر من سنة بدأت عملية تجميع للكتب التي تتحدث عن الصين تاريخا وحضارة وثقافة وحضورا معاصرا في شتى الميادين .. كنا سابقا نقرأ المجلات الصينية ونحفظ جملا قالها المؤسس ماوتسي تونج الذي قاد أكبر مسيرة في التاريخ من أجل استلام السلطة بفهم عميق للاشتراكية. لعل هذا الزعيم هو واحد من زعماء قرن عايشناه ما زالت أسماؤهم تقرع رؤوسنا كلما فكرنا بذاك الماضي الحاضر. لقد كان من حسن حظنا أن رافقنا ذلك التاريخ وقلبناه بكل ظروفه. فهل يمكن لنا أن ننسى ستالين، وتيتو، وديجول، وتشرشل، وعبدالناصر، وفيدل كاسترو، وتشي جيفارا، وأحمد بن بلله وهواري بومدين، ولومومبا، ونكروما وجومو كينياتا وأحمد سيكوتوري ونيلسون مانديلا، وجلالة السلطان قابوس وغيرهم، كبار صنعوا القرن الماضي، من المؤسف أن جلهم تغيرت أحوال بلادهم بعد وفاتهم.
إذا كانت اللغة الإنجليزية سيدة عصر وأم اللغات الحاضرة بقوة حتى أنها صارت لغة العالم اليوم، إلا أن اللغتين الصينية والروسية تتقدمان لتأخذا مكانتهما المتقدمة، أمة المليار ونصف المليار يجب أن تكون لها ميزة حضور عملتها في العالم، فكيف إذا اتحد الروس والصينيون، بهذه الطريقة يمكن إعادة ترتيب اقتصاد العالم كما هي الأفكار السائدة اليوم بالاستغناء عن الدولار، باستعمال العملات الوطنية التي هي روح الدولة وقيمتها.
أحبذ لكل مهتم بالتعليم أن يضع في لائحة اللغات التي يتمناها لأبنائه وغيرهم الصينية والروسية لما لهما من فوائد عملية في المستقبل .. الصين وروسيا وكل شرق آسيا والهند والمحيط عامة يقدر اليوم بأربعة مليارات بشري، أي ثلاثة أرباع العالم، ومن الحقيقة المطلوبة، بل من أجل التجانس بين الدول، أن يكون لهذا الكم البشري ميزته الكبرى، ولعل اللغة يجب أن تتقدم وتحضر.
تعلموا الصينية والروسية، في روح الشرق جاذبية تمس وجداننا العربي .. عندما أقرأ نتاجه أشعر بأني أقرب إلى نفسي قياسا بأي عالم آخر، رغم القيمة الكبرى الذي تشكله الثقافة الغربية في شتى الميادين.